قوله: إنّ امرأة، هي التي ذكرت في حديث سَهْل، فإن قيل: ظاهر سياق حديث جابر مخالفٌ لسياق حديث سهْل, لأن في هذا أنها ابتدأت بالعرض، وفي حديث سهل أنه عليه الصلاة والسلام هو الذي أرسل إليها يطلب ذلك، أجاب ابن بطال باحتمال أن تكون المرأة ابتدأت بالسؤال، متبرعة بذلك، فلما حصل لها القبول أمكن أن يبطىء الغلام بعمله، فأرسل يستنجزها إتمامه، لعلمه بطيب نفسها بما بذلته. قال: ويمكن إرساله إليها ليعرفها بصفة ما يصنعه الغلام من الأعواد، وأن يكون ذلك منبرًا. وقد أخرجه المصنف في علامات النبوءة من هذا الوجه، بلفظ "ألا أجعل لك منبرًا؟ " فلعل التعريف وقع بصفة للمنبر مخصوصة، أو يحتمل أنه لما فوض إليها الأمر بقوله لها: إنْ شئت، كان ذلك سبب البطء، لا أنّ الغلام كان شرع وأبطأ، ولا أنه جهل الصنعة، وهذا أوجه الأوجه.
وقوله: ألا أجعل لك، أضافت الجعل إلى نفسها مجازًا. وقوله: فإنّ لي غلامًا نجارًا، في رواية الكشميهنيّ "فإن لي غلام نجار" وفي الحديث قبول البذل إذا كان بغير سؤال، واستنجاز الوعد ممن يعلم منه الإجابة، والتقرب إلى أهل الفضل بعمل الخير، وقد اختصر المؤلف هذا المتن هنا، ويأتي بتمامه في علامات النبوءة، ويأتي إن شاء الله الكلام على ما لم يذكر منه هنا، عند أول ذكره.