الإِيهام، فإذا صرح بوصله قُبلَ، وصحح هذا القول الخطيب، وابن الصلاح. وذَمَّهُ شُعبة بن الحجاج قائلا: التدليس أخو الكذب، ولأن أزني أحب إلى من أن أدلس. وإلى هذا القسم أشار العراقي بقوله:
وفي الصّحيح عدة كَالأَعْمَشِ ... وَكَهُشَيمٍ بَعْدَهُ وَفَتِّشِ
وَذَمَّهُ شَعْبَةُ ذُو الرُّسُوخِ
ومنه أن يُسقط الراوي أداة الرواية مقتصرًا على اسم الشيخ، ويفعله أهل الحديث كثيرًا. مثاله ما قال ابن خشرم: كنا عند ابن عُيينة، فقال: الزُّهري، فقيل له: حدثك الزهري، فسكت، ثم قال: الزهري، فقيل له: سمعته من الزهري، فقال: لا، لم أسمعه منه ولا ممن سمعه منه، حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهري. وسماه ابن حَجَر تدليس القطع، لكنه مثله بما رواه ابن عدي وغيره عن عمرو بن عبيد الله الطَّنافِسي أنه كان يقول: حدثنا، ثم يسكت، وينوي القطع، ثم يقول: هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. ومنه تدليس العَطْف: وهو أن يصرح بالتحديث عن شيخ له، ويعطف عليه شيخًا آخر له، ولا يكون سمع ذلك المروي عنه، مثاله ما رواه الحاكم في "علومه"، قال: اجتمع أصحاب هُشَيْم، فقالوا: لا نكتب عنه اليوم شيئًا مما يدلسه، ففطن لذلك، فلما جلس قال: حدثنا حُصين، ومُغيرة، عن إبراهيم وساق عدة أحاديث، فلما فرغ، قال: هل دلست لكم شيئًا؟ قالوا لا، قال: بلى، كل ما حدثتكم عن حُصين فهو سماعي، ولم أسمع من مُغيرة من ذلك شيئًا، ومع ذلك فهو محمول على أنه نوى القطع، ثم قال: وفلان أي وحدث فلان.
والثاني من الأقسام: تدليس الشيخ، وهو أن يصف المدلس الشيخ