للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمسلم عن منصور: من أتى هذا البيت، وهو يشمل الحج والعمرة، وأخرج الدارقطني عن الأعمش، عن أبي حازم بلفظ: "من حج أو اعتمر" لكن في الإسناد إلى الأعمش ضعف.

وقوله: "فلم يرفث" بتثليث الفاء في الماضي والمضارع، والأفصح الفتح في الماضي، والضم في المستقبل، والرفث الجماع، ويطلق على التعريض به، وعلى الفحش في القول، وقال الأزهري: الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء، وقال عياض: هذا من قول الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ}، والجمهور على أن المراد به في الآية الجماع، والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله في الصيام: "فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث".

وقوله: "ولم يفسق"، أي: لم يأت بسيئة ولا معصية، وأغرب ابن الأعرابي، فقال: إن لفظ الفسق لم يسمع في الجاهلية ولا في أشعارهم، وإنما هو إسلامي، وتعقب بأنه كثر استعماله في القرآن، وحكايته عمن قبل الإِسلام، وقال غيره: أصله انفسقت النواة إذا خرجت، فسمى الخارج عن طاعة الله فاسقًا.

وقوله: "رجع كيوم ولدته أمه" أي: بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات، وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرّح بذلك، وله شاهد من حديث ابن عمر في "تفسير الطبري"، قال الطيبي: الفاء في قوله: "فلم يرفث" معطوف على الشرط، وجوابه رجع، أي: صار، والجار والمجرور خبر له، ويجوز أن يكون حالًا، أي: صار مشابهًا لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه، وفي رواية الدارقطني المذكورة: رجع كهيئته يوم ولدته أمه، وذكر بعض الناس أن الطيبي أفاد أن الحديث إنما لم يذكر فيه الجدال، كما ذكر في الآية على طريق الاكتفاء بذكر البعض، وترك ما دل عليه ما ذكر، ويحتمل أن يقال إن ذلك يختلف بالقصد لأن وجوده لا يؤثر في ترك مغفرة ذنوب الحاج إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحج فيما يظهر من الأدلة، أو المجادلة بطريق التعميم، فلا يؤثر أيضًا، فإن الفاحش منها داخل في عموم الرفث، والحسن منها ظاهر في عدم التأثير، والمستوي الطرفين لا يؤثر أيضًا.

رجاله خمسة قد مرُّوا:

مرّ آدم وشعبة في الثالث من الإِيمان، ومرّ سيار بن أبي سيار أبو الحكم في الثاني من التيمم، ومرّ أبو حازم في الثامن والمائة من الوضوء، ومرّ أبو هريرة في الثاني من الإِيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>