للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثامن والثلاثون]

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ".

قوله: لا تدخلوا، كان هذا النهي لما مروا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحِجر، ديارِ ثمود، في حال توجههم إلى تبوك، وقد صرح المصنف في أحاديث الأنبياء عن ابن عمر بذلك، فقال: لما مرَّ بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم". وقوله: هؤلاء المعذَّبين، بفتح الذال المعجمة، وفي أحاديث الأنبياء إلا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم". وقوله: إلا أن تكونوا باكين، شفقةً وخوفًا من حلول مثل ذلك، وليس المراد الاقتصار في ذلك على ابتداء الدخول، بل دائمًا عند كل جزء من الدخول، وأما الاستقرار فالكيفية مطلوبة فيه بالأولوية.

قال ابن بطال: هذا يدل على إباحة الصلاة هناك, لأن الصلاة موضع بكاء وتضرع، كأنه يشير إلى عدم مطابقة الحديث لأثر عليّ. قال في الفتح: الحديثُ مطابق له من جهة أن كلًا منهما فيه ترك النزول، كما عند المصنف في غزوة تبوك، ثم قَنّع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي، فدل على أنه لم ينزل، ولم يصل هناك، كما صنع عليٌّ في خسف بابل. قلت: النزول مصرح به في حديث ابن عمر من طريقين في أحاديث الأنبياء، قال في الأُولى: لما نَزَل الحجر في غزوة تبوك ... إلخ، وقال في الثانية: إن الناس نزلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرض ثمود، والحجر ... إلخ، فكيف ينفي النزول وهو مصرح به؟

<<  <  ج: ص:  >  >>