باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه أنْصِت فقد لغا
قيل أشار بهذا إلى الرد على من جعل وجوب الإنصات من خروج الإمام؛ لأن قوله في الحديث والإمام يخطب جملة حالية تخرج ما قبل خطبته من حين خروجه وما بعده إلى أن يشرع في الخطبة.
وقد مرَّ الكلام على هذا في باب (الاستماع إلى الخطبة).
وقوله "وإذا قال لصاحبه انصتْ فقد لغا" وهذا كلفظ الباب في بعض طرقه في رواية النسائي من الليث بالإِسناد المذكور.
ولفظه "من قال لصاحبه يوم الجمعة والإِمام يخطب انصت فقد لغا" والمراد بالصاحب من يخاطبه بذلك مطلقًا، وإنما ذكر الصاحب لكونه الغالب.
ثم قال:"وقال سلمانُ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ينصتُ إذا تكلَّمَ الِإمامُ".
وقوله "ينصت" بضم أوله على الأفصح ويجوز فيه الفتح. وقال الأزهري: يقال أنْصت ونَصَتَ وانْتَصَتَ.
قال ابن خزيمة المراد بالإنصات السكوت عن مكالمة الناس دون ذكر الله، وتعقب بأنه يلزم منه جواز القراءة والذكر حال الخطبة، فالظاهر أن المراد السكوت مطلقًا، ومَنْ فرّق احتاج إلى دليل.
قال في "الفتح": ولا يلزم من تجويز التحية لدليلها الخامس جواز الذكر مطلقًا.
ومذهب مالك جواز الذكر القليل سرًا وحمد العاطس سرًا ولا يشمته غيره، وهذا التعليق طرف من حديث سلمان المار الحادي والثلاثين من كتاب "الجمعة" هذا، ومرّ هناك تعريف سلمان.