سنة، والثانية في اليوم التاسع خطبتان كالجمعة، والثالثة في اليوم الحادي عشر بمنى للحمد والشكر على التوفيق لمناسك الحج، والحض على الطاعة، والتحذير من المعاصي، وعند الحنابلة ثلاثة أيضًا إلا أنهم يبدلون خطبة اليوم السابع بخطبة بمنى يوم النحر، وعند الشافعية أربع بزيادة خطبة بمنى يوم النفر الأول.
رجاله خمسة قد مرّوا:
وفيه ذكر عبد الملك، والحجاج مرّ محل عبد الله بن يوسف، ومالك في الذي قبله، ومرَّ ابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ سالم بن عبد الله في السابع عشر من الإيمان، ومرَّ أبوه عبد الله في أوله قبل ذكر حديث منه، ومرَّ الحجاج في السابع والثلاثين من مواقيت الصلاة، والباقي عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي أبو الوليد المدني، ثم الدمشقي، وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، قال ابن سعد: شهد يوم الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين وحفظ أمرهم، وكان عابدًا ناسكًا قبل الخلافة، وكان قد جالس الفقهاء، وحفظ عنهم، وكان قليل الحديث، واستعمله معاوية على المدينة، وقال عبادة بن نسي: قيل لابن عمر: من نسأل بعدكم؟ قال: إن لمروان ابنًا فقيهًا فسلوه، وقال نافع: لقد رأيت المدينة وما بها أشد تشميرًا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله، ولا أطول صلاة، ولا أطلب للعلم من عبد الملك، وقال الشعبي: ما جالست أحدًا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك، فإني ما ذاكرته حديثًا، ولا شعرًا إلا زادني فيه، وقال العجلي: ولد لستة أشهر، وخطب خطبة بليغة، ثم قطعها وبكى، ثم قال: يا رب إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي، فبلغ ذلك الحسن فبكى، وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتبت هذا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان من فقهاء المدينة وقرائهم قبل أن يلي ما ولي وهو بغير الثقات أشبه، وقع ذكره في مسلم في حديث ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أنه حدث طارقًا أمير المدينة بحديث في العمرى، قال: فكتب طارق بذلك إلى عبد الملك بن مروان، وأخبره بشهادة جابر، فقال عبد الملك: صدق جابر، فأمضى ذلك طارق، وروى في صحيح البخاري عن عروة بن الزبير أنه سأله عن سيف الزبير، قال: فقلت له: فيه فلّة، فقال: صدقت: بهن فلول من قراع الكنائب.
قال عمرو بن علي بايع مروان لابنيه، فقام عبد الملك بالحرب، وكانت الفتنة من يوم مات معاوية بن يزيد إلى أن استقام الناس لعبد الملك تسع سنين، وقد ملك عبد الملك ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلا ليلتين، ومات في النصف من شوال سنة ست وثمانين، وقيل: أول ما