قوله:"خطيبًا" حال من المفعول، وفي رواية مسلم والاعتصام: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو يخطب الحديث، وهذا مشتمل على ثلاثة أحكام: أحدها فضل التفقه في الدين، وهذا حاصلٌ، ما قيل فيه هو، ما ذكرناه في الترجمة. وثانيها أن المعطي في الحقيقة هو الله. وثالثها أن بعض هذه الأُمة يبقى على الحق أبدًا. والأول لائق بأبواب العلم، كما فعل. والثاني لائق بقَسْم الصدقات، ولهذا أورده مسلم في الزكاة، والمؤلف في الخُمس. والثالث لائق بذكر أشراط الساعة، وقد أورده المؤلف في الاعتصام لالتفاته إلى مسألة عدم خلوّ الزمان من مجتهد، وقد تتعلق الأحاديث الثلاثة بأبواب العلم، بل بترجمة هذا الباب خاصة، من جهة إثبات الخير لمن تفقه في دين الله، وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط، بل لمن يفتح الله عليه به، وإن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودًا، حتى يأتي أمر الله. وها أنا أتكلم علي الحديثين الأخيرين بما يكفي ويشفي.
فقوله:"وإنما أنا قاسم" أي: أقسم بينكم بتبليغ الوحي من غير تخصيص، وقوله:"والله يُعطي" أي: كلَّ واحد منكم من الفهم على قدر ما تعلقت به إرادته تعالى، فالتفاوت في افهامكم منه سبحانه. وقد كان بعض الصحابة يسمع الحديث، فلا يفهم منه إلا الظاهر الجليّ، ويسمعه آخر