ولا بأس أن يشتري صدقَتَه غيرُة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المتصدق خاصة عن الشراء، ولم ينه غيره. قال الزين بن المنير: أورد الترجمة بالاستفهام، لأن تنزيل حديث الباب على سببه، يضعف معه تعميم المنع، لاحتمال تخصيصه بالشراء بدون القيمة، لقوله: وظننت أنه يبيعه بُرخص، وكذا إطلاق الشارع العود عليه، بمعنى أنه في معنى رجوع بعضها إليه بغير عوض. قال: وقصد بهذه الترجمة التنبيه على أنّ الذي تضمنته الترجمة التي قبلها من جواز بيع الثمرة قبل إخراج الزكاة، ليس من جنس شراء الرجل صدقته، والفرق بينهما دقيق. وقال ابن المنذر ليس لأحد أن يتصدق ثم يشتريها، للنهي الثابت. ويلزم من ذلك فساد البيع إلا إن ثبت الإجماع على جوازه. وقوله: ولا بأس أن يشتري صدقة غيره إلخ، قد استدل بما ذكر، ومراده قوله عليه الصلاة والسلام "لا تعد" وقوله: "العائد في صدقته" ولو كان المراد تعميم المنع لقال: لا تشتروا الصدقة مثلًا.
أورد المصنف هذا الحديث من طريقين، فسياق الأولى يقتضي أنه من حديث ابن عمر، والثاني أنه من مسند عمر، ورجح الدارقطني الأولى لكن حيث جاء من طريق سالم وغيره من الرواة عن ابن عمر، فهو من مسنده، وأما رواية أسلم، مولى عمر، فهي من عمر نفسه، وقوله: تصدق بفرس، أي حمل عليه رجلًا في سبيل الله، كما في الطريق الثانية، والمعنى أنه ملكه له، ولذلك ساغ له بيعه. ومنهم من قال: كان عمر قد حبسه، وإنما ساغ للرجل بيعه؛ لأنه حصل فيه هزال عجز لأجله عن اللحاق، وضعف من ذلك، وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به. وأجاز ذلك ابن القاسم. قلت: وهو مشهور مذهب مالك، ويدل على أنه حمل تمليك قوله "ولا تعد في صدقتك"، ولو كان حبسًا لعلله به.
وقوله: فبذلك، كان ابن عمر لا يترك أن يبتاع شيئًا تصدق به إلا جعله صدقة. وعند أبي ذَرٍّ