يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر، فحمل عليهما معًا، لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر.
وفي الباب عن عليّ عند أصحاب السنن، وعن سُويد بن غفلة قال: أتانا مُصَدَّق النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقرأت في عهده، فذكر مثله. أخرجه النَّسائيّ، وعن سعد بن أبي وقاص أخرجه البيهقيّ، واستدل بحديث الباب على أنَّ مَنْ كان عنده دون النصاب من الفضة، ودون النصاب من الذهب، مثلًا، أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعضه حتى يصير نِصَابًا كاملًا فتجب فيه الزكاة، خلافًا لمن قال: يضم على الأجزاء، كالمالكية، كعشرة دنانير ومئة درهم، أو على القيم، كالحنفية، واستدل به لأحمد على أن مَنْ كان له ماشية ببلد لا تبلغ النصاب، كعشرين شاةً مثلاً بالبصرة، ومثلها بالكوفة، أنها لا تضم، باعتبار، أنها ملك رجل واحد، وتؤخذ منها الزكاة لبلوغها النصاب، قاله ابن المنذر، وخالفه الجمهور، فقالوا: يجمع على صاحب المال أمواله، ولو كانت في بلدان شتى، ويخرج منها الزكاة. واستدل به على إبطال الحيل، والعمل على المقاصد المدلول عليها بالقرآن، وأن زكاة العين لا تسقط بالهبة.
قال العينيّ: ومما يستفاد منه النهيُ عن الحيل لسقوط ما كان واجبًا عليه، ويجري ذلك في أبواب كثيرة من الفقه، وللعلماء في ذلك خلاف في التحريم، أو الكراهة أو الإباحة، والحق أنه إن كان ذلك لغرض صحيح، فيه رفق للمعذور، وليس فيه إبطال لحق الغير، فلا بأس به، من ذلك قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} وإن كان لغرضٍ فاسد، كإسقاط حق الفقراء من الزكاة، بتمليك ماله قبل الحول لولده، أو نحو ذلك، فهو حرام، أو مكروه على الخلاف المشهور في ذلك.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا في الذي قبله بحديث، فهو هذا بعينه، إلا أن في هذا زيادة. ثم قال المصنف: