يأتي في الباب الذي بعده، ويمكن أن يتمسك من يقول بأنه إنما نهى عن الفسخ بقوله في الحديث الذي أشير إليه قريبًا عن مسلم: إنَّ الله يحلّ لرسوله ما شاء. أ. هـ.
وفي قصة أبي موسى وعلي دلالة على جواز تعليق الأحرام بإحرام الغير مع اختلاف آخر الحديثين في التحلل، وذلك أن أبا موسى لم يكن معه هدي، فصار له حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- لو لم يكن معه هدي، وقد قال: لولا الهدي لأحللت، أي فسخت الحج إلى العمرة، كما فعله أصحابه عليه الصلاة والسلام بأمره كما يأتي، وأما علي فكان معه هدي، فلذلك أمره بالبقاء على إحرامه، وصار مثله قارنًا، قال النووي: هذا هو الصواب، وتأوله الخطابي وعياض بتأويلين غير مرضيين. أ. هـ. فأما تأويل الخطابي فإنه قال: فعل أبي موسى يخالف فعل علي، وكأنه أراد بقوله: أهللت كإهلال النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي: كما يبينه لي ويعينه لي من أنواع ما يحرم به، فأمره أن يحل بعمل عمرة لأنه لم يكن معه هدي، وأما تأويل عياض فقال: المراد بقوله: فكنت أفتي الناس بالمتعة، أي: بفسخ الحج إلى العمرة، والحاصل لهما على ذلك اعتقادهما أنه -صلى الله عليه وسلم- كان مفردًا مع قوله:"لولا أن معي الهدي لأحللت"، أي: فسخت الحج وجعلته عمرة، فلهذا أمر أبا موسى بالتحلل لأنه لم يكن معه هدي بخلاف علي، قال عياض وجمهور الأئمة على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصًّا بالصحابة، وقال ابن المنير: ظاهر كلام عمر التفريق بين ما دلّ عليه الكتاب ودلَّت عليه السنة، وهذا التأويل يقتضي أنهما يرجعان إلى معنى واحد، ثم أجاب بأنه لعلّه أراد إبطال وهم من توهم أنه خالف السنة حيث منع من الفسخ، فبين أن الكتاب والسنة متوافقان على الأَمر بالإِتمام، وأن الفسخ كان خاصًا بتلك السنة لإِبطال اعتقاد الجاهلية أن العمرة لا تصح في أشهر الحج، وأما إذا قلنا: كان قارنًا على ما هو الصحيح المختار، فالمعتمد ما ذكر النووي، وسيأتي بيان اختلاف الصحابة في كيفية التمتع في باب التمتع والقِران إن شاء الله تعالى.
واستدل به على جواز الإِحرام المبهم، وأن المحرم به يصرفه لما شاء، وقد مرّ ما فيه من الخلاف في باب من أهلّ في زمن النبي-صلى الله عليه وسلم-، ومحل ذلك ما إذا كان الوقت قابلًا بناء على أن الحج لا ينعقد في غير أشهره كما يأتي قريبًا. أ. هـ.
رجاله خمسة قد مرُّوا:
مرّ ابن يوسف الفريابي في العاشر من العلم، ومرّ الثوري في السابع والعشرين من الإِيمان، ومرّ قيس بن مسلم وطارق بن شهاب في الثامن والثلاثين منه، ومرّ أبو موسى الأشعري في الرابع منه، والمرأة المبهمة في الحديث لم تسم. أ. هـ.