وفيه فضيلة لأبي طلحة، لأن الآية تضمنت الحث على الإنفاق من المحبوب، فترقى هو إلى إنفاق أحب المحبوب، فصوّب -صلى الله عليه وسلم- رأيه، وشكر عن ربه فعله، ثم أمره أن يخص بها أهله، وكنى عن رضاه بذلك بقوله:"بخ".
وفيه أن الوقف يتم بقول الواقف: جعلت هذا وقفًا. وقد مرّ قريبًا تحريره. وفيه أنه لا يعتبر في القرابة من يجمعه والواقف أب معيّن لا رابع ولا غيره؛ لأن أُبَيَّاً إنما يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس، وأنه لا يجب تقديم القريب على القريب الأَبعد، لأن حسّانًا وأخاه أقرب إلى أبي طلحة من أُبَيَّ وَنُبَيط، ومع ذلك فقد أشرك معهما أبَيَّاً ونُبيطًا بن جابر.
وفيه أنه لا يجب الاستيعاب، لأن بني حرام الذي اجتمع فيه أبو طلحة، وحسّان، كانوا بالمدينة كثيرًا، فضلًا عن عمرو بن مالك الذي يجمع أبا طلحة وأُبيًا. وفيه دلالة للمذهب الصحيح، أنه يجوز أن يقال: إن الله تعالى يقول، كما يجوز أن يقال: إن الله تعالى قال، خلافًا لما قاله مطرف بن عبد الله الشخير، إذ قال: لا يقال الله تعالى يقول، إنما يقال: قال الله، أو الله عز وجل قال، وكأنَّه ينجر إلى استئناف القول، وقول الله قديم. وكأنه ذَهَل عن قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.
وفيه: مشاورة أهل العلم، والفضل في كيفية وجوه الطاعات وغيرها، وفيه أن كسب العقار مباحٌ إذا كان حلالًا، ولم يكن بسبب ذل ولا صَغار، فإنَّ ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، كره كسب أرض الخراج، ولم ير شراءها. وقال: ولا تجعل في عنقك صغارًا.
[رجاله أربعة]
وفيه ذكر أبي طلحة، وقد مرَّ الجميع، مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرّ إسحاق بن عبد الله في الثامن من العلم، ومرّ أنس في السادس من الإِيمان، ومرّ أبو طلحة في السادس والثلاثين من الوضوء.
أخرجه البخاريّ في الوصايا وفي الوكالة والأشربة والتفسير، ومسلم في الزكاة، والنَّسَائيّ في التفسير.
ثم قال: تابعه رُوح، يعني عن مالك في قوله:"رابح"، وهذه المتابعة وصلها في كتاب البيوع، وروح قد مرَّ في الثاني والثمانين من الوضوء. ثم قال: وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل عن مالك "رائح" يعني بالتحتانية، وقد وهم صاحب المطالع فقال: رواية يحيى بن يحيى بالموحدة، وكأنَّه اشتبه عليه الأندلسيّ بالنَّيسَابوريّ، فالذي عناه هو الأندلسي، والذي عناه البخاري النيسابوريّ. قال الداني في أطرافه. رواه يحيى بن يحيى الأندلسي بالموحدة، وتابعه جماعة، ورواه يحيى بن يحيى النيسابوريّ بالمثناة، وتابعه إسماعيل وابن وهب، ورواه القعنبيّ