قوله:"أبو سعيد" أي: الخدري بالمدينة وبيّن الإسماعيلي في روايته عن فليح سبب ذلك ولفظه: "اشتكى أبو هريرةَ أو غابَ فصلَّى أبو سعيدٍ فجهرَ بالتكبير حينَ افتتحَ، وحينَ ركعَ " الحديث وزاد في آخره أيضًا: "فلمّا انصرفَ قيلَ له: قدِ اختلفَ الناسُ علَى صلاِتكَ فقامَ عندَ المنبرِ فقالَ: إنَّي واللهِ ما أُبالي أَختلفتْ صلاتُكم أم لم تختلفْ إني رأيت رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هكذا يصلِّي". والذي يظهر أن الاختلاف بينهم كان في الجهر بالتكبير والإسرار به، وكان مروان وغيره من بني أمية يسرونه كما تقدم في باب إتمام التكبير في الركوع. وكان أبو هريرة يصلي بالناس في إمارة مروان على المدينة. وأما مقصود الباب فالمشهور عن أبي هريرة أنه كان يكبّر حين يقوم، ولا يؤخره حتى يقوم كما مرّ عن "الموطأ" في باب التكبير إِذا قام من السجود.
وأما ما تقدم في باب ما يقول الإِمام ومن خلفه من حديثه بلفظ:"وإذا قام من السجدتين قال: اللهُ أكبرُ" فيحمل على أن المعنى إذا شرع في القيام قاله في "الفتح" قلت: حمله على ما قالت المالكية من أن القائم من اثنتين يؤخر التكبير حتى يستوي قائمًا أولى بظاهر اللفظ. قال الزين بن المنير: أجرى البخاري الترجمة وأثر ابن الزبير مجرى التبيين لحديثي الباب؛ لأنهما ليسا صريحين في أن ابتداء التكبير يكون مع أول النهوض، وقال ابن رشيد في هذه الترجمة إشكال؛ لأنه ترجم فيما مضى باب التكبير إذا قام من السجود وأورد فيه حديث ابن عباس وأبي هريرة وفيهما التنصيص على أنه يكبر في حالة النهوض وهو الذي اقتضته هذه الترجمة، فكان ظاهرها التكرار. ويحمل قوله من السجدتين على أنه أراد من الركعتين؛ لأن الركعة تسمى سجدة مجازًا واستبعده ورجح أن المراد بهذه الترجمة بيان محل التكبير حين ينهض من السجدة الثانية بأنه إذا قعد على الوتر يكون تكبيره في الرفع إلى القعود ولا يؤخره إلى ما بعد القعود، ويتوجه ذلك بأن الترجمتين اللتين قبله فيهما بيان الجلوس ثم بيان الاعتماد، فبيّن في هذه الثالثة محل التكبير، ويحتمل أن يكون مراده بقوله من السجدتين ما هو أعم من ذلك فيشمل ما قيل أو لا وثانيًا ويؤيد ذلك اشتمال حديثي الباب على ذلك ففي حديث أبي سعيد حين رفع رأسه من السجود وحين قام من الركعتين، وفي حديث عمران بن