قال الزين بن المنير: عطف الدعاء على الصلاة في الترجمة، ليبين أن لفظ الصلاة ليس محتمًا، بل غيره من الدعاء ينزل منزلته، ويؤيد عدم الانحصار في لفظ الصلاة ما أخرجه النَّسائيُّ عن وائل بن حَجَر أنه عليه الصلاة والسلام، قال في رجل بعث بناقة حسنة في الزكاة "اللهم بارك فيه، وفي إبله" وأما استدلاله بالآية لذلك، فكأنه فهم من سياق الحديث مداومة النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فحمله على امتثال الأمر في قوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} وروى ابن أبي حاتم وغيره بإسناد صحيح عن السديّ في قوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} قال: ادع لهم.
وقال ابن المنير: عبر المصنف في الترجمة بالإمام، ليبطل شبهة أهل الردة في قولهم للصديق: إنما قال الله تعالى لرسوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} وهذا خاص بالرسول، فأراد أن يبين أن كل إمام داخل في الخطاب. وقوله {سَكَنٌ لَهُمْ} أي رحمة وطمأنينة أو وقار.
قوله: قال: اللهم صلِّ على فلان، في رواية غير أبي ذَرٍّ "على آل فلان" وقوله: على آل أوْفى، يريد أبا أوفى نفسه، لأن الآل يطلق على ذات الشيء، كقوله في قصة أبي موسى "لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود"، وقيل: لا يقال ذلك إلا في حق الرجل الجليل القدر، واستدل به على جواز الصلاة على غير الأنبياء، وكرهه مالك والجمهور. قال ابن التين: وهذا الحديث يعكر عليه، وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذُ الصدقة للمتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث.
وأجاب الخطابيّ عنه قديمًا بأن أصل الصلاة الدعاءُ، إلا أنه يختلف بحسب المدعو له، فصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته، دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة أمته عليه، دعاءٌ له بزيادة القربى والزلفى، ولذلك كان لا يليق بغيره. واستدل به على استحباب دعاء آخذ الزكاة لمعطيها، وأوجبه بعض أهل