وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر، ومن حجتهم حديث عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم الحيض، قالت بريقها، فمصعته بظفرها. ولأبي داود: بلَّته بريقها. وجه الحجة منه أنه لو كان الريق لا يطهِّر لزاد النجاسة. وأجيب باحتمال أن تكون قصدت بذلك تحليل أثره ثم غسلته بعد ذلك، لقولها في باب غسل الدم بعد القرص: فتغسله ثم تصلي فيه. فدل هذا على أنها عند إرادة الصلاة فيه كانت تغسله، وإنها إنّما أزالته بريقها ليذهب أثره، ولم تقصد تطهيره بذلك. وأجيب عن هذا الحديث أيضًا بأن المراد بالذي تقرصه بظفرها هو دم يسيرٌ يُعفى عن مثله، والتوجيه الأول أقوى، وهذا أيضًا قوي.
وتُعُقب استدلال من استدل على تعيين إزالة النجاسة بالماء بهذا الحديث بأنه مفهوم لقب وليس بحجة عند الأكثر، وبأنه خرج مخرج الغالب في الاستعمال لا الشرط، وأجيب بأن الخبر نص على الماء، فإلحاق غيره به بالقياس، وشرطه أن لا ينقُص الفرع عن الأصل في العلة، وليس في غير الماء ما في الماء من الرقة وسرعة النفود، فلا يُلحق به غيره.
وفيه جواز استفتاء المرأة بنفسها، ومشافهتها للرجل فيما يتعلق بأحوال النساء، وجواز سماع صوتها للحاجة، والإفصاح بذكر ما يُستقذر للضرورة.
وفيه أن دم الحيض كغيره من الدماء في وجوب غسله. وعن مالك: يُعفى عن دون درهم من الدم مطلقًا والقيح والصديد لا غير ذلك من النجاسات، وعن الحنفية يُعفى عن قدر الدرهم من النجاسة مطلقًا، وفيه استحباب ترك النجاسة اليابسة ليهون غسلُها.
[رجاله خمسة]
الأول: محمد بن المثنى ومرَّ في التاسع من كتاب الإِيمان.
والثاني: يحيى بن سعيد القطان، وقد مرَّ في السادس منه أيضًا. ومرَّ هشام بن عُروة في الثاني من بدء الوحي. ومرت فاطمة بنت المنذر وجدتها