وقال القفال في فتاويه: إذا التفت في صلاته التفاتًا كثيرًا في حال قيامه إن كان جميع قيامه كذلك بطلت صلاته وإن كان في بعضه فلا؛ لأنه عمل يسير ولو حوّل أحد شقيه عن القبلة بطلت صلاته؛ لأنه عمل كثير وعندنا لا تبطل ما دامت رجلاه إلى القبلة كما مرَّ وهو مكروه كراهة تنزيه إن كان لغير حاجة وإلا فلا يكره، ورخص فيه طائفة. فقال ابن سيرين: رأيت أنس بن مالك يشرف في صلاته إلى الشيء ينظر إليه. وقال معاوية بن قرّة: قيل لابن عمر: ان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة لم يتحرك، ولم يلتفت. قال: لكنّا نتحرك ونلتفت، وكان إبراهيم يلتفت يمينًا وشمالاً، وكان ابن مغفل يفعله. وممن كان لا يلتفت فيها الصدّيق والفاروق. ونهى عنه أبو الدرداء وأبو هريرة.
وفي المبسوط حدّ الالتفات المكروه أن يلوي عنقه حتّى يخرج من جهة القبلة والالتفات يمنة وشرة انحراف عن القبلة ببعض بدنه، فلو انحرف بجميع بدنه بطلت صلاته. ولو نظر بمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه لا يكره.
وكذلك عندنا لا يكره على المشهور. وفيه أحاديث كثيرة مرَّ منها البعض في باب من دخل ليؤم الناس ومنها حديث أنس. أخرجه الترمذي وقال حسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا بني إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة. قال: فإن كان ولابد ففي التطوع لا في الفريضة.
ومنها ما أخرجه البزّار في مسنده عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت قال: يا ابن آدم: إلى من تلتفت، إلى من هو خير لك مني. أقبل إليّ. فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، وإذا التفت الثالثة قال صرف الله وجهه عنه. وفيه الفضل بن عيسى وهو ضعيف ومنها ما أخرجه الطبراني عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والالتفات في الصلاة، فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في الصلاة.
ومنها ما أخرجه ابن حبّان في كتاب الضعفاء عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المصلّي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه وملك ينادي لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل. وفيه عبّاد بن كثير مختلف فيه. ومنها ما أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -فذكر حديثًا في آخره-: إياكم والالتفات في الصلاة فإنه لا صلاة لملتفت، فإن غلبتم في التطوع فلا تغلبوا في الفريضة. وفيه عطاء بن عجلان وهو ضعيف.
[رجاله ستة]
قد مرّوا إلا أبا الأحوص، مرّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرّ مسروق في السابع والعشرين منه، ومرّ أشعث وأبوه سليم في الثاني والثلاثين من الوضوء. وأمّا أبو الأحوص فهو سلَّام -بتشديد اللام- بن سُليم بالتصغير الحنفي مولاهم الكوفيّ الحافظ، ذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث صالحًا فيه. وقال ابن معين: ثقة متقن. وقال العجلي: كان ثقة صاحب