وقوله:"غفر الله له ما تقدم من ذنبه" مرت مباحثه إلا أن في هذا السياق من الزيادة رفع صفة الوضوء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وزاد مسلم في رواية ليونس:"قال الزهري: كان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحدٌ للصلاة"، وقد تمسك بهذا من لا يرى تثليث مسح الرأس كما يأتي في باب مسح الرأس مرة إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" و"مسنده" معًا عن حُمران بلفظ: "دعا عثمان رضي الله تعالى عنه بوضوء في ليلة باردة، وهو يريد الخروج إلى الصلاة، فجئته بماء، فأكثر ترداد الماء على وجهه ويديه، فقلت: حسبك فقد أسبغت الوضوء، والليلة شديدة البرد، فقال: صبَّ، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يُسبغُ عبد الوضوء إلا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر".
وليس في شيء من طرق "الصحيحين" زيادة: "وما تأخر"، وقد تابع ابن أبي شيبة جماعة: منهم محمد بن سعيد بن يزيد التُّستري، أخرجه عنه عبد الرزاق. وأخرجه أيضًا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد المَرْوزيّ شيخ النّسائي في "مسند عثمان" له. وأخرج الزيادة النّسائي في حديث قيام رمضان. ورواها هشام بن عمار. وأخرجها أحمد عن أبي هريرة وغيره. وقد مر الكلام على معنى غفران الذنب المتأخر في الإيمان في باب قيام في ليلة القدر.
[رجاله خمسة]
الأول: أبو اليمان الحكم بن نافع، والثاني: شعيب بن أبي حَمْزة وقد مرَّ في الحديث السادس من بدء الوحي. والثالث: الزُّهري وقد مر في الحديث الثالث منه أيضًا. والرابع: عطاء بن يزيد وقد مر في الحديث العاشر من كتاب الوضوء. ومر تعريف حُمران في الحديث الخامس والعشرين منه أيضًا. ومر تعريف عُثمان بن عفّان في باب ما يُذكر في المناولة من كتاب العلم.
ومر في الحديث الخامس والعشرين المواضع التي أُخرج فيها.