باب من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا اشراف نفس {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
في رواية المستملي تقديم الآية، وسقطت للأكثر، ومطابقتها لحديث الباب من جهة دلالتها على مدح من يعطي السائل وغير السائل، وإذا كان المعطي ممدوحًا فعطيته مقبولة، وآخذها غير ملوم. واختلف أهل العلم بالتفسير في المراد بالمحروم، فروى الطبريّ عن ابن شهاب أنه المتعفف الذي لا يسأل، وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن شهاب أيضًا، وأخرج الطبريّ عن قتادة مثله، وأخرج فيه أقوالًا أخر.
وعلى التفسير المذكور تنطبق الترجمة والإشراف بالمعجمة: التعرض للشيء والحرص عليه، من قولهم: أشرف على كذا، إذا تطاول له، وقيل للمكان المرتفع شَرَف لذلك. وتقدير جواب الشرط: فليقبل، أي: من أعطاه الله مع انتفاء القيدين المذكورين، فليقبل، وإنما حذفه للعلم به، وأوردها بلفظ العموم، فإن كان الخبر ورد في الإعطاء من بيت المال؛ لأن الصدقة للفقير في معنى العطاء للغني إذا انتفى الشرطان. قال أبو داود: سألت أحمد عن إشراف النفس، فقال: بالقلب، وقال يعقوب بن محمد: سألت أحمد عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه: يبعث إلى فلان بكذا. وقال الأثرم: يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك.
قوله: أعطه من هو أفقر إليه مني، زاد في رواية شُعيب عن الزُّهريّ الآتية في الأحكام "حتى أعطاني مرة مالًا فقلت: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه فتموله وتصدق به". وذكر شعيب فيه عن الزُّهريّ إسنادًا آخر قال: أخبرني السائب بن يزيد أن حُوَيطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعديّ أخبره أنه قدم على عمر في خلافته، فذكر قصة فيه هذا الحديث، والسائب فمن فوقه صحابة، ففيه أربعة من الصحابة في نسق، وقد أخرجه مسلم عن الزُّهريّ بالإِسنادين،