للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب متى يحل المعتمر؟]

أشار بهذه الترجمة إلى مذهب ابن عباس، وقد تقدم القول فيه في باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة، قال ابن بطال: لا أعلم خلافًا بين أئمة الفتوى، أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى، إلا ما شذ به ابن عباس، فقال: يحل من العمرة بالطواف، ووافقه إسحاق بن راهويه، ونقل عياض عن بعض أهل العلم أن بعض الناس ذهب إلى أن المعتمر إذا دخل الحرم حل، وإن لم يطف، ولم يسع، وله أن يفعل كل ما حرم على المحرم، ويكون الطواف والسعي في حقه، كالرمي والمبيت في حق الحاج، وهذا من شذوذ المذاهب وغرائبها، وغفل القطب الحلبي فقال فيمن استلم الركن في ابتداء الطواف وأحل حينئذ: إنه لا يحصل له التحلل بالإجماع.

ثم قال: "وقال عطاء، عن جابر رضي الله تعالى عنه: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يجعلوها عمرة، ويطوفوا، ثم يقصروا ويحلوا" وهذا التعليق طرف من حديث وصله البخاري في باب عمرة التنعيم، وعطاء مرَّ في التاسع والثلاثين من العلم.

[الحديث التاسع عشر]

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ، وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ: قَالَ: "بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ".

اشتمل هذا الحديث على حديثين، مرَّ الكلام على الأول في باب من لم يدخل الكعبة، والثاني حديث خديجة أي "بشروا خديجة ببيت في الجنة" إلخ. وفي رواية المناقب: بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة ببيت؟ قال: نعم، وهذا استفهام محذوف الأداة.

قوله: "ببيت من قصب" بفتح القاف والمهملة بعدها موحدة قال ابن التين: المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف، وعند الطبراني في الأوسط عن ابن أبي أوفى يعني قصب اللؤلؤ، وعنده في الكبير عن أبي هريرة: بيت من لؤلؤة مجوفة، وأصله في مسلم، وعنده في

<<  <  ج: ص:  >  >>