قوله:"إن بلالًا يؤذن بليل"، فيه إشعار بأن ذلك كان من عادته المستمرة، وزعم بعضهم أن ابتداء ذلك كان باجتهاد منه، وعلى تقدير صحة ذلك، فقد أقره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك، فصار في حكم المأمور به، ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ما قيل في تعيين الوقت الذي يؤذن فيه من الليل، ومن قال به ومن منعه. وقوله:"فكلوا واشربوا"، فيه إشعار بأن الأذان كان علامة عندهم على دخول الوقت، فبين لهم أن أذان بلال بخلاف ذلك.
وقوله:"وكان رجلًا أعمى"، ظاهره أن فاعل قال هو ابن عمرو، جزم بذلك الشيخ الموفق في "المغني"، ورواه جمع عن القَعْنَبِيّ، وفي روايتهم تعيين أنه ابن شهاب، وعلى هذا يكون في رواية البخاري إدراج، ويجاب عن ذلك بأنه لا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون شيخه قاله، وشيخ شيخه، وقد رواه البَيهقيّ عن ابنِ شِهاب، وفيه:"قال سالم: وكان رجُلًا ضريرًا"، ففي هذا التصريح بأن شيخ البخاريّ قاله، ويأتي عند المصنف في الصيام عن ابن عمر ما يؤدي معناه، فثبت صحة وصله.
وقوله:"أصبَحْتَ، أصبَحْتَ"، أي: دخلْتَ في الصبح، هذا ظاهره، وفيه إشكال لأنه جعل أذانه غاية للأكل، فلو لم يؤذن حتى دخل الصباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر. والإجماع على خلافه إلا من شذ كالأعمش.