قوله:"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" هذه الجملة قد تقدم الكلام عليها عندما ذكرت في باب (البول في الماء الدائم) من كتاب "الوضوء".
وقوله:"بيد أنهم" بموحدة ثم تحتانية ساكنة مثل غير وزنًا ومعنى، وبه جزم الخليل والكسائي، وروى ابن أبي حاتم عن الشافعي أن معنى "بيد" من أجل، واستبعده عياض ولا بعد فيه بل معناه أنا سبقنا بالفضل إذ هدينا للجمعة مع تأخرنا في الزمان بسبب أنهم ضلّوا عنها مع تقدمهم، ويشهد لذلك ما في "موطأ" سعيد بن عفير عن مالك بلفظ: "ذلك بأنهم أوتوا الكتاب". وقال الداودي هي بمعنى (على) أو (مع) قال القرطبي: إن كانت بمعنى (غير) فنصب على الاستثناء، وإن كانت بمعنى (مع) فنصب على الظرف. وقال الطيبي: هي للاستثناء وهو من باب تكيد المدح بما يشبه الذم والمعنى: نحن السابقون للفضل غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ووجه التأكيد فيه ما ادمج فيه من معنى النسخ؛ لأن الناسخ هو السابق في الفضل وإن كان متأخرًا في الوجود، وبهذا التقرير يظهر موقع قوله:"نحن الآخرون" مع كونه أمرًا واضحًا. ويقال (ميد) بالميم وهو ملازم للإضافة إلى أن وصلتها ولا يقع مرفوعًا ولا مجرورًا بل منصوبًا ولا يقع صفة ولا استثناء متصلًا، وإنما يستثنى به في الانقطاع خاصة ومنه الحديث.
وقوله:"أوتوا الكتاب من قبلنا" سقط في الأصل قوله وأوتيناه من بعدهم وهي ثابتة في رواية أبي زرعة الدمشقي عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه. أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"، وكذلك مسلم عن ابن عُيينة وسيأتي تامًا عند المصنف بعد أبواب. من وجه آخر عن أبي هريرة، واللام في "الكتاب" للجنس والمراد التوراة والإنجيل، والضمير في أوتيناه للقرآن. وقال القرطبي المراد "بالكتاب" التوراة وفيه نظر لقوله: "وأوتيناه من بعدهم" فأعاد الضمير على الكتاب، فلو كان المراد