ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع.
وقال المهلّب: النفقة على الأهل واجبة، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر، فعرفهم أنها لهم صدقة، حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع.
وقال ابن المنير: تسمية النفقة صدقة من جنس تسمية الصداق نِحْلة، فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتأنيس والتحصين وطلب الولد، كان الأصل أن لا يجب لها شيء عليه، إلا أن الله خص الرجل بالفضل على المرأة بالقيام عليها ورفعه عليها بذلك درجة، فمن ثمَّ جاز إطلاق النِّحلة على الصداق، والصدقة على النفقة.
قال القُرطبيّ: أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة، سواء كانت واجبة أو مباحة، وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر، لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة، لأنها معقولة المعنى، وفي هذا الحديث الرد على المرجئة، حيث قالوا: إن الإيمان إقرار باللسان فقط.
[رجاله خمسة]
الأول: حجّاج بن المِنْهال -بكسر الميم- أبو محمد الأنْماطيّ السُّلمي وقيل البُرْساني -بضم الموحدة- مولاهم.
قال أحمد: ثقة، ما أرى به بأسًا. وقال أبو حاتم: ثقة فاضل. وقال العِجْليّ ثقة، رجل صالح. وقال النّسائي: ثقة. وقال خَلَف بن محمد كردوس: كان صاحب سنة يظهرها. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن قانِع: ثقة مأمون. وقال: ما رأيت مثله فضلًا ودينًا.