وقال أبو عبد الملك: كيف ذهب هذا الذي أخذ به الشافعيّ على أهل المدينة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بهم عشر سنين وصلى بهم أبو بكر وعمر وعثمان والصحابة والتابعون؟ فأين كان يذهب عليهم هذا المذهب؟ وقال الطَّحَاويّ والنظر يوجب أنه ليس بين السجود والقيام جلوس؛ لأن من شأن الصلاة التكبير فيها، والتحميد عند كل خفض ورفع وانتقال من حال، فلو كان بينهما جلوس لاحتاج أن يكبر عند قيامه من ذلك، الجلوس تكبيرة، كما يكبر عند قيامه من الجلوس في صلاته، إذا أواد القيام إلى الركعة التي بعد الجلوس.
وأجاب الشافعية عن هذا بأنها جلسة خفيفة جدًا استغنى فيها بالتكبير المشروع للقيام، فإنها من جملة النهوض إلى القيام، ومن حيث المعنى فكذا ينبغي أن الساجد يضع يديه وركبتيه ورأسه مميزًا لكل عضو وضع، إذا رفع رأسه ويديه، أن يميز رفع ركبتيه، وإنما يتم ذلك بأن يجلس ثم ينهض قائمًا، وبأن الروايات عن أبي حميد لم تتفق على نفي هذه الجلسة، كما يفهم مما مرَّ، بل أخرجه أبو داود من وجه آخر عنه بإثباتها. وقال الأكثرون: إن عدم ذكر أبي حميد لها في أكثر الروايات عنه يدل على أن ذكرها لبيان الجواز لا للسنة، وأما قول بعضهم: لو كانت سنة لذكرها كل من وصف صلاته، فيقويّ أنه فعلها للحاجه، ففيه نظر، فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف، وإنما أخذ مجموعها عن مجموعهم، وفيه دليل على أن الرجل يجوز له أن يعلم غيره الصلاة والوضوء عملًا وعيانًا، كما فعل جبريل عليه الصلاة والسلام، وفيه أن التعليم بالفعل أوضح عن القول.
[رجاله خمسة]
مروا جميعًا، مرَّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بَدْء الوحي، ومرَّ وُهَيب بن خالد في السادس والعشرين من العلم، ومرَّ أيّوب وأبو قِلابَة في التاسع من الإيمان، ومرَّ مالك بن الحُوَيْرث في باب تحريض النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفد عبد الفيس، من العلم بعد الثامن والعشرين منه.