أن يكون المصلون لم يعرفوه بعينه إما لإِقبالهم على صلاتهم وإما لكونه في آخر الصفوف فلا يرد السؤال في حقهم والعذر عنه هو ما قدمناه والحكمة في سؤاله -صلى الله عليه وسلم- له عمن قال أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله.
وقد قيل إن الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور فإن البضع من الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفًا ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهي قوله مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى بناء على أن القصة واحدة ويمكن أن يقال المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله حمدًا كثيرًا إلى آخره دون قوله مباركًا عليه فإنه كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفًا.
وأما ما وقع عند مسلم عن أنس لقد رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني ثلاثة عشر فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها أيضًا في سياق حديث الباب لكن على اصطلاح النحاة قاله في "الفتح" ولم أفهم المراد بقوله على اصطلاح النحاة وأخد من الحديث جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور وجواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على مَنْ معه واستدل به على أن العاطس في الصلاة يحمد الله تعالى بغير كراهة وأن المتلبس بالصلاة لا يتعين عليه تشميت العاطس.
قلت: وعند المالكية يكره حمد العاطس على المشهور لاشتغاله بما هو أهم وقيل: خلاف الأولى وكذا يكره عند الحنابلة ولو شمت المصلى لعاطس بأن قال له: يرحمك الله بطلت صلاته عند الأئمة الأربعة وروي عن أبي حنيفة كما في المحيط أن العاطس يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرك لسانه ولو حرك تفسد صلاته والصحيح أنه يحمد الله بدون كراهة قاله العيني واستدل به على تطويل الاعتدال بالذكر وقد استوفى الكلام عليه في باب استواء الظهر في الركوع واستنبط منه ابن بطال جواز رفع الصوت بالتبليغ خلف الإِمام وتعقبه الزين بن المنير بأن سماعه -صلى الله عليه وسلم- لصوت الرجل لا يستلزم رفعه لصوته كرفع صوت المبلغ وفي هذا التعقب نظر لأن غرض ابن بطال إثبات جواز الرفع في الجملة وقد قال ابن عبد البر واستدل له بإجماعهم على أن الكلام الأجنبي يبطل عمده الصلاة ولو كان سرًا قال وكذلك الكلام المشروع في الصلاة لا يبطلها ولو كان جهرًا وقد مرَّ الكلام على مسألة المبلغ في باب حد المريض أن يشهد الجماعة.
[رجاله ستة]
وفيه رجل مبهم، مرّت منهم الثلاثة الأول، مرّ عبد الله بن مسلمة في الثاني عشر من الإِيمان، ومرّ نعيم المجمر في الثاني من الوضوء، ومرّ مالك في الثاني من بدء الوحي.
والثلاثة الأخر الأول منها: علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الزرقي الأنصاري. قال ابن معين والنسائي: ثقة، وذكره ابن حِبّان في