للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: النصارى مَنْ كان منهم اليوم باقيًا على ديانتهم لم يطرأ له تغير في الابن والأب، ومَنْ انتقل إلى الطبيعة والدهرية لم يبق على شيء من ذلك لا حسًا ولا معنى.

لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج مع أن بَعْثَ معاذٍ كان في آخر الأمر، كما مرَّ، وأجاب ابن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة، وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية، لاحتمال الزيادة والنقصان.

وأجاب الكرمانيّ بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، فلهذا كررا في القرآن، فمن ثَمّ لم يذكر الحج والصوم في هذا الحديث، مع أنهما من أركان الإِسلام، والسر في ذلك هو أن الصلاة والزكاة إذا وجبتا على المكلف لا يسقطان عنه أصلًا بخلاف الصوم، فإنه قد يسقط بالفدية والحج، فإن الغير قد يقوم مقامه فيه كما في المغصوب، ويحتمل أنه حينئذ لم يكن شرع.

وقال شيخ الإِسلام البلقينيّ: إذا كان الكلام في أركان الإِسلام لم يخل الشارع منه بشيء، كحديث ابن عمر "بني الإسلام على خمس" وإذا كان في الدعاء إلى الإِسلام اكتفى بالأركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة. ولو كان بعد فرض الحج والصوم كقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} في موضعين من براءة، مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعًا، وحديث ابن عمر أيضًا: "أمرت أنْ أقاتل الناس حتى بشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" وغير ذلك من الأحاديث.

قال: والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة اعتقاديّ: وهو الشهادة، وبدنيّ وهو الصلاة، وماليّ وهو الزكاة، فاقتصر في الدعاء إلى الإِسلام عليها, ليفرع الركنين الأخيرين عليها، فإن الصوم بدنيٌّ محض، والحج بدنيّ ماليّ، وأيضًا فكلمة الإِسلام هي الأصل، وهي شاقة على الكفار، والصلاة شاقة لتكررها، والزكاة شاقة لما في جِبِلَّة الإنسان من حب المال، فإذا أذعن المرء لهذه الثلاثة كان ما سواها أسهل عليه بالنسبة إليها.

[رجاله ستة]

قد مرّوا، إلا يحيى بن عبد الله، مرَّ أبو عاصم الضَّحاك في أثَرٍ بعد الرابع من العلم، ومرَّ زكرياء بن إسحاق في السادس عشر من كتاب الصلاة، ومرَّ أبو معبد في الثامن والمئة من صفة الصلاة، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي، ومعاذ بن جبل في أثر أول الإيمان، قبل ذكر حديث منه.

والسادس: يحيى بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن صَيْفِيّ، ويقال بن عبد الله بن صيفي، ويقال يحيى بن محمد بن صيفي المكى، مولى بني مخزوم، ويقال مولى عثمان. ذكره ابن حِبان في "الثقات". وقال ابن مُعين والنَّسائيّ: ثقة، وقال ابن سعد: يحيى بن عبد الله بن صيفي كان

<<  <  ج: ص:  >  >>