إفادة العلة الحصر، قلت: وجه انتزاع مالك كفرهم من الآية هو أن العلة عنده تفيد الحصر، فكان المعنى على ذلك لا يُغيظُ بهم إلا الكفار فدخل كل من غاظوه في الكفار، وعلى جعله العلة للحصر بنى مذهبه في تحريم أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، لقوله تعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا}[النحل: ٨]، فجعل منفعتها محصورةً في الركوب، لإفادة العلة الحصرَ عنده، فَحَرُمَ أكلها.
وحكى النَّقَّاشُ عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال: الزَّرْعُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أشْطَأَ بأبي بكر، فآزره عمر، فاستغلظ بعثمان، فاستوى على سوقه بعلي، رضي الله تعالى عنهم. قال في "الجواهر": وهو لين الإسناد والمتن، والله أعلم بصحته.
[بعض الأحاديث الواردة في فضلهم رضي الله عنهم]
[ومما هو وارد في فضلهم من الأحاديث]
ما أخرجه البخاري من حديث عبد الله، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"خيرُ الناسِ قَرْني ثُمَّ الذينَ يَلُونهُمْ".
وأخرج الشيخان عن عِمْران بن حُصَين قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ أُمَّتي قَرْني ثم الّذينَ يَلُونهُم ثم الّذينَ يَلُونهُم". قال عِمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثًا. "ثُمَّ إنَّ بَعْدَهُمْ قومًا يَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ ولا يُؤتَمَنُونَ، ويَنْذُرونَ، ولا يَفُونَ، ويَظْهَرُ فيهم السِّمَنُ". وفي رواية "وَيَحْلِفُونَ وَلا يُسْتَحْلَفونَ". وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة:"ثُمَّ يَخْلِفُ قَوْمٌ يُحِبُّونَ السِّمانَةَ".
وروى النسائي، وإسناده صحيح، عن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكرِمُوا أصحابي فإنهُم خِيارُكُم، ثم الّذين يلونَهُم، ثم يَظهَرُ الكَذِب، حتى إن الرَّجُل يَحلِفُ ولا يُسْتَحْلَفُ، ويَشْهَدُ ولا يُسْتَشْهَدُ، ألا مَنْ سَرَّهُ بُحْبُوحَةُ الجنةِ فَلْيَلْزَم الجماعَةَ، فإنَّ الشَّيطانَ مع الفَذِّ وهو من