قوله "أخبرني ابن شهاب" هكذا رواه يحيى بن بكير عن الليث، ورواه شعيب بن الليث عن أبيه فقال: عن عقيل عن ابن شهاب عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ عن أبي هريرة، أخرجه مسلم والنسائي والطريقان صحيحان، وقد رواه أبو صالح عن الليث بالإِسنادين معًا أخرجه الطحاوي، وكذا رواه ابن جريج وغيره عن الزهري بهما أخرجه عبد الرزاق وغيره، ورواه مالك عند أبي داود وابن أبي ذيب عند ابن ماجه كلاهما عن الزهري بالإسناد الأول.
وقوله "يوم الجمعة" مفهومه أن غير يوم الجمعة بخلافه، وفيه بحث.
وقوله "فقد لغوت" قال الأخفش: اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه. وقال ابن عرفة: اللغو السقط، وقيل الميل عن الصواب، وقيل اللغو الإِثم كقوله تعالى {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}.
وقال الزين بن المنير: اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام، وأغرب أبو عبيد الهروي فقال: معنى لغا تكلم كذا أطلق والصواب التقييد.
وقال النضر بن شُمَيل: معنى لغوت خبت من الأجر، وقيل بطلت فضيلة جمعتك، وقيل صارت جمعتك ظهرًا. قال في "الفتح": أقوال أهل اللغة متقاربة المعنى، ويشهد للقول الأخير ما رواه أبو داود وابن خزيمة عن عبد الله بن عمر مرفوعًا "ومنْ لغا وتخطى رقابَ الناس كانت له ظهرًا".
قال ابن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة.
ولأحمد عن علي مرفوعًا "مَنْ قال صهْ، فقد تكلمَ ومَنْ تكلمَ فلا جمعة له".
ولأبي داود نحوه ولأحمد والبزار عن ابن عباس مرفوعًا "مَنْ تكلمَ يومَ الجمعة والإمامُ يخطبُ فهو كالحمارِ يحملُ أسفارًا. والذي يقولُ له أنصِتْ ليستْ له جمعةٌ"، وله شاهد قوي في "جامع" حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفًا قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة للإِجماع على إسقاط فرض الوقت عنه.