وتحقق بها، بخلاف من فيه أدنى رحمة، لكن ثبت في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود وغيره "الراحمون يرحمهم الرحمن" والراحمون جمع راحم، فيدخل فيه كل من فيه أدنى رحمة.
وذكر الحربيّ مناسبة الإِتيان بلفظ الرحماء في حديث الباب بما حاصله أن لفظ الجلالة دال على العظمة، وقد عرف بالاستقراء أنه حيث ورد يكون مسوقًا للتعظيم، فلما ذكر هنا ناسب ذكر من كثرت رحمته وعظمته، ليكون الكلام جاريًا على نسق التعظيم بخلاف الحديث الآخر، فإن لفظ الرحمن دال على العفو، فناسب أن يذكر معه كل ذي رحمة، وإنْ قلّت.
وفي هذا الحديث من الفوائد، غير ما تقدم، جوازُ استحضار ذوي الفضل للمحتضر، لرجاء بركتهم ودعائهم، وجواز القسم عليهم لذلك، وجواز المشي إلى التعزية، والعيادة بغير إذن، بخلاف الوليمة، وجواز إطلاق اللفظ الموهم لما لم يقع بأنه يقع مبالغة في ذلك، لينبعث خاطر المسؤول في المجني للإِجابة إلى ذلك.
وفيه استحباب إبرار القسم وأمر صاحبة المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت، ليقع وهو مستشعر بالرضا، مقاومًا للحزن بالصبر، وإخبار من يستدعى بالأمر الذي يستدعى من أجله، وتقديم السلام على الكلام، وعيادة المريض ولو كان مفضولًا أو صبيًا صغيرًا.
وفيه أن أهل الفضل لا ينبغي أن يقطعوا الناس عن فضلهم، ولو ردوا أول مرة، واستفهام التابع أمامه عما يشكل عليه، مما يتعارض ظاهره، وحسن الأدب في السؤال، لتقديمه قوله "يا رسول الله" على الاستفهام.
وفيه الترغيب في الشفقة على خَلْق الله والرحمة لهم، والترهيب من قساوة القلب وجمود العين، وجوازُ البكاء من غير نَوْح ونحوه.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، وفيه ذكر ابنة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن لها مبهمين، وذكر سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأُبَيّ بن كعب وزيد بن ثابت، ولفظ رجال مبهمين. مرَّ عبدان وعبد الله بن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرَّ محمد بن مقاتِل في التاسع من العلم، ومرَّ عاصم الأحول في الخامس والثلاثين من الوضوء، ومرَّ أسامة بن زيد في الخامس منه، ومرَّ أبو عثمان النَّهديّ في الخامس من مواقيت الصلاة، ومرَّ معاذ بن جبل في الأثر الثاني من الإيمان, ومرَّ أُبَيّ بن كعب في السادس عشر من العلم، ومرَّ زيد بن ثابت في تعليق بعد الثاني والعشرين من كتاب الصلاة.