أورد فيه حديث ابن عمر عن بلال في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة بين العمودين، وتعقب بأنه يغاير الترجمة من جهة أنها تدل على التخيير، والفعل المذكور يدل على التعيين، وأجيب بأنه حمل صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الموضع بعينه على سبيل الاتفاق لا على سبيل القصد، لزيادة فضل في ذلك المكان على غيره، ويحتمل أن يكون مراده أن ذلك الفعل ليس حتمًا، وإن كانت الصلاة في تلك البقعة التي اختارها النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من غيرها، ويؤيده ما سيأتي في الباب الذي يليه من تصريح ابن عمر بنص الترجمة مع كونه كان يقصد المكان الذي صلى فيه النبي عليه الصلاة والسلام فيه لفضله، وكأن المصنف أشار بهذه الترجمة إلى الحكمة في إغلاق الباب حينئذٍ وهو أولى من دعوى ابن بطال أن الحكمة فيه لئلا يظن الناس أن ذلك سنة، وهو مع ضعفه منتقض بأنه لو أراد إخفاء ذلك ما اطلع عليه بلال ومن كان معه، وإثبات الحكم بذلك يكفي فيه نقل الواحد.
قوله:"دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت" كان ذلك في عام الفتح كما وقع مبينًا عن نافع عند المصنف في كتاب الجهاد بزيادة فوائد، ولفظه: أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته، وفي رواية فليح عن نافع الآتية في المغازي: وهو مردف أسامة على القصواء، ثم اتفقا ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ في المسجد، وفي رواية فليح: عند البيت، وقال لعثمان: ائتنا بالمفتاح، فذهب إلى أُمه سُلافة بضم المهملة، فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطيه أو لأخرجن هذا السيف من صلبي، فلما رأت ذلك أعطته فجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففتح الباب، وفاعل فتح هو عثمان المذكور، لكن روى الفاكهاني من طريق ضعيفة عن ابن عمر، قال: كان بنو أبي طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-