باب بالتنوين، وتَرْكه بالإِضافة إلى الجملة، والصلاة مبتدأ خبره من الإِيمان، أي من شُعَبه، ووجه المناسبة بين هذا الباب والذي قبله من حيث أن من جملة المذكور في حديث الباب السابق الاستعانة بالأوقات الثلاثة في إقامة الطاعات، وأفضل الطاعات البدنية التي تُقام في هذه الأوقات الصلوات الخمس، فوقتُ صلاة الصبح في الغَدوة، ووقت صلاة الظهر والعصر في الرَّوْحة، ووقت صلاة العشاءين في جزء الدُّلجة عند من يقول أنها سير الليل كله، فناسب تعقيب هذا الباب للذي قبله لأنه في الصلاة.
ثم قال المُصنِّف: وقول الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] يعني صلاتكم عند البيت. لفظة قول يجوز فيه الرفع عطفا على لفظة الصلاة والجر عطفًا على مَحلّ المضاف إليه، الذي هو الصلاة، على ترك التنوين في باب وإضافته إلى الصّلاة. وقوله:"ليضيع" اللام فيه لتأكيد النفي، وقوله إيمانكم بالخطاب، وكان المقام يقتضي الغَيْبة، لكنه قصد تعميم الحُكْم للأُمة الأحياء والأموات، فذكر الأحياء المخاطَبين تغليبًا لهم على غيرهم.
وقوله:"صلاتكم عند البيت" قال في الفتح: وقع التنصيص على هذا التفسير من الوجه الذي أخرج منه المؤلف حديث الباب عند النّسائي والطّيالسِيّ بلفظ "إيمانكم صلاتكم إلى بيْت المقدس" قال: فقول المصنف "عند البيت" مُشْكل مع أنه ثابت عنه في جميع الروايات، ولا اختصاص بذلك، لكونه عند البيت. وقد قيل: إنه تصحيف وإن الصواب يعني "صلاتكم لغير البيت".
قال الحافظ: وعندي أنه صواب ولا تصحيف فيه، ومقاصد البخاريّ دقيقة، وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان - صلى الله عليه وسلم - يتوجه إليها في الصلاة، وهو بمكة، فقال: ابن عباس وغيره: كان يصلي إلى بيت المَقْدس، لكنه لا يَسْتدبرُ القِبْلة. بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس،