للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أُدرج في أكفانه

أي: لُفَّ فيها، قال ابن رشيد: موقع هذه الترجمة من الفقه أن الموتَ، لمّا كان سبب تغير محاسن الحي التي عُهد عليها، ولذلك أمر بتغميضه وتغطيته، كان ذلك مظنة للمنع من كشفه، حتى قال النخعيَّ: ينبغي أن لا يطَّلع عليه إلَّا، الغاسلُ له ومن يليه، فترجم البخاري على جواز ذلك.

[الحديث الخامس]

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِى كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه خَرَجَ وَعُمَرُ رضي الله عنه يُكَلِّمُ النَّاسَ. فَقَالَ: اجْلِسْ. فَأَبَى. فَقَالَ اجْلِسْ. فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلاَّ يَتْلُوهَا.

استشكلت دلالة هذا الحديث على الترجمة، بأن أبا بكر إنما دخل قبل الغَسل فضلًا عن التكفين، وعمر ينكر حينئذٍ أن يكون مات، ويجاب عنه بأن الذي وقع دخولُ أبي بكر على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو مسجى، أي: مغطى، فيؤخذ منه أن الدخول على الميت يمتنع إلا إن كان مُدْرَجًا في أكفانه، أو في حكم المدرج لئلا يطلعَ منه على ما يكره الاطلاع عليه. وقال الزَّين بن المُنير ما

<<  <  ج: ص:  >  >>