بإطلاق قوله:"فأخرجها من الحرم" لكن الروايات المقيدة بالتنعيم مقدمة على المطلقة، فهي أولى ولاسيما مع صحة أسانيدها، زاد أبو داود في روايته بعد قوله:"إلى التنعيم": فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم، فإنها عمرة متقبلة، وزاد أحمد في رواية له: وذلك ليلة الصدر بالتحريك، أي: الرجوع من مني، وفي قوله:"فإذا هبطت بها" إشارة إلى المكان الذي أحرمت منه عائشة.
قلت: انظر، أي فائدة لبحث صاحب "الهدي" مع ما ذكر من الأحاديث وأقوال العلماء.
وفي الحديث جواز الخلوة بالمحارم سفرًا وحضرًا، وإرداف المحرم محرمة معه.
واستدل به على تعين الخروج إلى الحل لمن أراد العمرة ممن كان بمكة وهو أحد قولي العلماء، والثاني: تصح العمرة ويجب عليه دم لترك الميقات، وليس في حديث الباب ما يدفع ذلك.
واستدل به على أن أفضل جهات الحل التنعيم، وتعقب بأن إحرام عائشة من التنعيم إنما وقع لكونه أقرب جهة الحل إلى الحرم، لا أنه هو الأفضل، وسيأتي إيضاح هذا إن شاء الله تعالى في باب أجر العمرة على قدر التعب. أ. هـ.
[رجاله أربعة]
وفيه ذكر عبد الرحمن، وقد مرَّ الجميع إلا مالك بن دينار، مرَّ أبان بن يزيد في تعليق بعد السابع والثلاثين من الإيمان، ومرّ القاسم بن محمد في الحادي عشر من الغسل، ومرّت عائشة في الثاني من بدء الوحي الرابع مالك بن دينار السامي الناجي مولاهم أبو يحيى البصري الزاهد، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان يكتب المصاحف بالأجرة، ويتقوت بأجرته، وكان لا يأكل شيئًا من الطيبات من المتعقدة الصبر، والمتقشفة الخشن، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقال الأزدي: يعرف وينكر، كان أبوه من سبى سجستان، وقيل: من كابل. وليس له في البخاري إلا هذا الحديث، روى عن أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، والحسن، وابن سيرين وغيرهم، وروى عنه أخوه عثمان، وأبان بن يزيد، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، مات سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: سنة ثلاثين. ومرّ عبد الرحمن في الرابع من الغسل.
وهذا الحديث أخرجه الخباري هنا تعليقًا، ووصله أبو نعيم في "المستخرج". أ. هـ.
ثم قال: وقال عمر: شدوا الرحال في الحج، فإنه أحد الجهادين، ولفظ عابس بن ربيعة