الرِّكاز، بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي، المال المدفون، مأخوذ من الرَّكْز، بفتح الراء، يقال: ركزه ركزًا إذا دفنه، فهو مركوز. وهذا متفق عليه. واختلف في المعدن كما سيأتي.
ثم قال: وقال مالك وابن إدريس: الرّكاز دِفْن الجاهلية، في قليله وكثيره الخمس، وليس المعدن بركاز. وقوله: دِفن الجاهلية، بكسر الدال وسكون الفاء: الشيء المدفون، كذِبح بمعنى مَذْبوح. وأما بالفتح فهو المصدر، ولا يراد هنا. وقوله: في قليله وكثيره الخمس، نقله ابن المُنذر عن مالك. وفيه عند أصحابه خلاف. وهو قول الشافعيَّ، كما نقله ابن المنذر واختاره. وأما في الجديد، فقال: لا يجب فيه الخُمس حتى يبلغ نصاب الزكاة. والأول قول الجمهور، كما نقله ابن المنذر أيضًا، وهو مقتضى ظاهر الحديث أما قول مالك، فرواه أبو عبيد في كتاب الأموال موصولًا، وكذا هو في الموطأ إلا أنَّ فيه "عن مالك عن بعض أهل العلم". ومالك هو صاحب المذهب، وقد مرّ في الثاني من بدء الوحي.
وأما ابن إدريس، فقد قيل: المراد الشافعيّ، وهذا هو الصحيح الذي جزم به زيد المروزيّ، أحد الرواة عن الغريريّ، وتابعه البيهقيّ في المعرفة، من طريق الربيع، ولم يوجد عن الأوديّ. وقيل: المراد به عبد الله بن إدريس الأودي الكوفيّ. وقال ابن التين: هو الأشبه، ولم يبين وجه الشبه، والصحيح هو الأول كما مرَّ، وها أنا أذكر تعريف الاثنين تتميمًا للفائدة، فأقول:
الأول محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطَّلب بن عبد مناف القرشيّ المطَّلبيّ، أبو عبد الله الشافعيّ المكيّ نزيل مصر، وأمه فاطمة بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قال عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: ولدتُ بعسقلان، فلما أتى عليَّ سنتان، حملتني أمي إلى مكة، وكانت نهمتي في الرّمي والعلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من العشرة عشرة، وسكت عن العلم، فقلت له: والله أنت في اعلم أكثر منك في الرمي.
وقال ابن عبد الحكم: قال لي الشافعيّ: ولدت بغزة سنة خمسين ومئة، وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين، وقال أبو عبد الله، أخو ابن وهب: سمعت الشافعيّ يقول: ولدتُ باليمن، فخافت عليّ أمي الضيعة، فقالت: إلحق بأهلك، فجهزتني إلى مكة، فقدمتها وأنا ابن عشر. وقال ابن عبد الحكم: لما حملت أم الشافعي به، رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقضّ بمصر. ثم