وعند الحنفية لا بأس بالتخطي والدنو من الإِمام إذا لم يؤذِ الناس، وقيل: لا بأس به إذا لم يأخذ الإِمام في الخطبة، ويكره إن أخذ واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط. وأما تزحزح رجلين عن مكانهما والجلوس بينهما، فيأتي إن شاء الله تعالى في الباب الثاني.
مرّوا، مرّ عبدان وابن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرّ ابن أبي ذيب في الستين من العلم، ومرّ سعيد المقبريَّ في الثاني والثلاثين من الإيمان، ومرّ أبوه كيسان في السادس والعشرين من صفة الصلاة، ومرّ عبد الله بن وديعة وسلمان الفارسي في الثامن من كتاب الجمعة هذا. ثم قال المصنف:
[باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه]
(لا) نافية والفعل مرفوع، والخبر في معنى النهي. "ويقعد" بالرفع عطف على يقيم أو على أن الجملة حالية أي: (وهو يقعد) أو بالنصب بتقدير أن، فعلى الأول كل من الإقامة والقعود منهي عنه، وعلى الثاني والثالث النهي عن الجمع بينهما حتى لو أقامة ولم يقعد لم يرتكب النهي.
قلت: بعيد جدًا إذ كيف يسلم من ارتكاب النهي في إقامته لمسلم من مكانه بدون فائدة، وهذه الترجمة المقيدة بيوم الجمعة ورد فيها حديث صحيح لكنه ليس على شرط البخاري. أخرجه مسلم عن جابر بلفظ:"لا يقيمن أحدُكم أخاه يومَ الجمعةِ ثم يخالفُ إلى مقعدِهِ فيقعَد فيه، ولكن يقولُ: "تفسحوا" لكنه أشار إليه بالقيد المذكور في الترجمة على عادته، ويؤخذ منه أن الذي يتخطى بعد الاستئذان خارج عن حكم النهي.