قلت: قوله: "ثم نمنع أنها سبب في حصول الثواب، غير صحيح, لأن الثواب على العمل إذا لم تكن الصحة سببًا له فأي سبب له، وكون الأعم لا يكون سببًا في الأخص غير مسلم، فإن الحيوانية أعمُّ من النطق، وهي سببٌ له، فتأمل. وكذا قوله: "فإذا انتفى القبول انتفت الصحة" غير صحيح، لما مرَّ من أنَّ القبول قد يتخلف عن الصحة.
وفي "المصابيح": قال بعض العلماء: يلزم من حديث أبي هريرة أن الصلاة الواقعة في حال الحدث إذا وقع بعدها وضوء تصح. فقلت له: الإجماع يدفعه. فقال: يمكن أن يُدفع من لفظ الشارع، وهو أولى من التمسك بدليل خارج، وذلك بأن تُجعل الغاية للصلاة لا لعدم القبول، والمعنى: صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل. قلت: هذا يصح في جعل هذا الكلام مستقلاًّ غير مطابق للفظ، وأما مطابقته للفظ فغير ممكنة, لأن الغاية في الحديث إنما جُعلت لعدم القبول لا للصلاة.
[رجاله خمسة]
الأول إسحاق بن راهَوَيه مرَّ في الحديث الحادي والعشرين من كتاب العلم.
ومرَّ تعريف عبد الرزاق بن همّام، وهمّام بن مُنبِّه في الحديث السادس والثلاثين من كتاب الإيمان.
ومرَّ تعريف مَعْمر بن راشد في المتابعة بعد الحديث الرابع من بدء الوحي.
ومرَّ تعريف أبي هُريرة في الحديث الثاني من كتاب الإيمان.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة، ورواته كلهم يمانيّون إلا إسحاق وأبا هُريرة. وكلهم أئمة أجلاّء أصحاب مسانيد.
أخرجه البخاري هنا، وفي ترك الحيل، ومسلم في الطهارة، والترمذي فيها أيضًا، وقال: حسن صحيح.