وبحث المبيت بمزدلفة قد تقدم في باب من قدم ضعفة أهله إلا أن هذا أوسع، وآخر وقت الرمي غروب الشمس من كل يوم، فعند المالكية: يجب الدم على من أخَّر الرمي إلى الليل، والليل قضاء، وقال أبو حنيفة: آخر وقته آخر النهار، وقال أبو يوسف: يمتد إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس يفوت الوقت، ويكون فيما بعده قضاء، فإن لم يرم حتى غربت الشمس يرمي قبل الفجر من اليوم الثاني، قال العيني: ولا شيء عليه في قول أبي يوسف ومحمد، وفي قول أبي حنيفة عليه دم للتأخير، وعند الشافعي قولان في قول إذا غربت الشمس فات الوقت، وعليه دم، وفي قول: لا يفوت إلا في آخر أيام التشريق.
[رجاله خمسة]
مرَّ منهم مسدد ويحيى القطان في السادس من الإيمان، ومرَّ ابن جريج في الثالث من الحيض، ومرت أسماء في الثامن والعشرين من العلم، والباقي عبد الله بن كيسان القرشي التيمي أبو عمر المدني مولى أسماء بنت أبي بكر، قال أبو داود: ثبت، وقال الحاكم: أبو أحمد من أجلّة التابعين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ليس له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر يأتي في أبواب العمرة، روى عن أسماء، وعن ابن عمر، وروى عنه صهره عطاء بن أبي رباح، وهو من أقرانه، وعمرو بن دينار وابن جريج، وغيرهم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع وبالإفراد.
[الحديث الستون والمائة]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ جَمْعٍ وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً فَأَذِنَ لَهَا.
قوله ثقيلة، أي: من عظم جسمها، وقوله: ثبطة بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها مهملة خفيفة أي: بطيئة الحركة كأنها تثبط بالأرض أي: نشبث بها ولم يذكر محمد بن كثير عن سفيان الثوري ما استأذنته سودة فيه، فلذلك عقبه بطريق أفلح عن القاسم المبينة لذلك، وقد أخرجه ابن ماجه عن الثوري فبين ذلك ولفظه إن سودة بنت زمعة كانت امرأة ثبطة فاستأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تدفع من جمع قبل دفعة الناس فأذن لها ولأبي عوانة عن الثوري قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سودة ليلة جمع وأخرجه مسلم عن وكيع ولم يسق لفظه وعن عبد الرحمن بن القاسم