واضحة، فإنه إنما يخبر عن الله، فمن كذب عليه كذب على الله عَزَّ وَجَلَّ. وقد اشتد النكير على من كذب على الله تعالى في قوله تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ}[يونس: ١٧] فسوى بين من كذب عليه وبين الكافر. وقال {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠]. والآيات في ذلك متعددة، وأيضًا الذي يكذب على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم، ينسب إليه شرعًا لم يقله، والشرع غالبًا إنما تلقاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، على لسان الملك فيكون الكاذب في ذلك كاذبًا على الله وعلى الملك. فهذا يؤيد ما قاله الجويني تأييدًا قويًا.
رجاله ثلاثة: الأول المكيّ بن إبراهيم البلخيُّ، وقد مر تعريفه في الحديث السابع والعشرين من كتاب العلم.
الثاني: يزيد بن أبي عبيد أبو خالد الأسلمي، مولى سلمة بن الأكوع، روى عن مولاه، وهشام بن عروة، وهو أكبر منه، وروى عنه بكير بن الأشجّ، ومات قبله، ويحيى القطان، وحمّاد بن مَسْعَدة وغيرهم. قال أبو داود: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن مُعين: ثقة. وقال العَجْلِيّ: حجازيّ تابعيّ ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي في المدينة بعد خروج محمد بسنتين أو ثلاث. وقال الواقدي: مات قبل خروج محمد بن عبد الله سنة ست أو سبع وأربعين ومئة.
الثالث: سَلَمة بفتح السين واللام، ابن الأكوع، واسم الأكوع سنان بن عبد الله بن قيس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أفصى الأسلميّ. والأكوع جده، وأبوه عمرو، وقيل وهب، يكنى أبا عامر، أو أبا مسلم، والأكثر أبو إياس، بابنه إياس، كان شجاعًا راميًا، سخيًا خيرًا فاضلًا، وقد كلمه الذئُب. روي عنه أنه قال: رأيت الذئب قد أخذ ظبيًا، فطلبته حتى نزعته منه، فقال: ويحك ما لي ولك عمدت إلى رزقٍ رزقنيه الله، ليس من مالك تنتزعه مني. قال: قلت يا أبا عبد الله إِن هذا لعجيب،