استُشكلَ إيراد حديث أبي هريرة في ترجمة الباب، إذ لا ذكر للقراءة فيه. وقال الزين بن المنير ضمن قوله ما يقرأُ ما يقول من الدعاء قولًا متّصلًا بالقراءة. أوْ لما كان الدعاء والقراءة يُقصد بهما التقربُ إلى الله تعالى، استغنى بذكر أحدهما عن الآخر، كما جاء: عَلَفّتُها تِبنًا وماءً باردًا: وقال ابن رشد: دعاء الافتتاح يتضمن مناجاة الربّ والإقبال عليه بالسؤال، وقراءة الفاتحة يتضمن هذا المعنى، فظهرت المناسبة بين الحديثين. وهذا غير مفيد؛ لأن المقصود وجود المناسبة بين الترجمة وحديث الباب لا وجودها بين الحديثين. قوله: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَسْكُت أي: بفتح أوّله من السكوت. وفي بعض الروايات بضم أوله من الإسكات، قال الجوهري: يقال تكلم الرجل ثم سكت، بغير ألف، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قلت أُسْكت.
وقوله: إسكاتة، بكسر أوله بوزن إفعالة من السكوت، وهي من المصادر الشاذّة نحو أثبته إثباتة. قال الخطابي: معناه سكوت يقتضي بعده كلامًا مع قصر المدة فيه. وسياق الحديث يدلّ على أنه أراد السكوت عن الجهر لا عن مطلق القول، أو السكوت عن القراءة لا عن الذكر.
وقوله: أحسبه، قال هنية: هذه رواية عبد الواحد بن زياد بالظن، ورواية جرير عند مسلم وغيره، وابن فضيل عند ابن ماجه وغيره، بلفظ: سكت هنية بغير تردد، وإنما اختار البخاري رواية عبد الواحد لوقوع التصريح بالتحديث فيها في جميع الإسناد. قيل: المراد أنه قال: هنية بدل إسكاتة، والظاهر أنه شك هل وصف الإسكاتة بكونها هنية أم لا، وهنية بالنون بلفظ التصغير وهو عند الأكثر بتشديد الياء.
وذكر عياض والقرطبي أن أكثر رواة مسلم قالوه بالهمز، وقال النووي: الهمز خطأ وأصله هنوة،