قوله:"سئل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "، ببناء سئل للمجهول، ولم بسم السائل إيثارًا للستر على المسلمين. وقوله:"عن أشياء كرهها" لأنه ربما كان فيها شيء سببًا لتحريم شيء على المسلمين، فتلحقهم به المشقة، وقد أخرج البخاريّ عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا أن "أعظم المسلمين جُرْمًا من سأل عن شيء لم يحرَّم فَحُرِّمَ من أجل مسألته" ومن ذلك: السؤال عن الساعة، وما أشبه ذلك من المسائل. وقوله:"فلما أكثر عليه غضب" أي فلما أكثر عليه الناس السؤال غضب لتعنتهم في السؤال وتكلفهم ما لا حاجة لهم به، وقوله:"سلوني عما شئتم" بالألف، وهي نادرة، وللأصيلي "عمَّ شئتم" بحذفها؛ لأنه يجب حذف ألف ما الاستفهامية إذا جُرُت، وإبقاء الفتحة دليلًا عليها، نحو {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا}[النازعات: ٤٣]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ}[النمل: ٣٥] للفرق بين الاستفهام والخبر. ومن ثم حذفت فيما ذكر، وأثبتت في} لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {[الأنفال: ٦٨] {أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥] فكما لا تحذف الألف في الخبر، لا تثبت في الاستفهام إلا ندورًا كقراءة عكرمة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}[النبأ: ١]، وحمل هذا القول منه عليه الصلاة والسلام، على الوحي أولًا، وإلا فهو لا يعلم ما يسأل عنه من المغيبات إلا بإعلام الله تعالى، كما هو مقرر.