بالوضوء، ويؤيده أن لفظ المتن عند ابن عباس "وسجد معه المسلمون والمشركون والإِنس والجن". فسوّى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع، وفيهم مَنْ لا يصح منه الوضوء، فيلزم أن يَصح السجود ممن كان بوضوء، وممن لم يكن بوضوء. قلت: سجدة التلاوة عند المالكية يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة، وستر عورة، واستقبال قبلة. وابن عمر مرّ في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.
قوله:"سجد بالنجم" زاد الطبراني في "الأوسط" من هذا الوجه بمكة، فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود. وهذا الحديث تقدمت مباحثه عند الحديث الأول واستدل به أبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وابن وهب وابن حبيب المالكيان على أن سورة النجم فيها سجدة.
وقال سعيد بن جبير وابن المسيب والحسن البصري وطاووس وعكرمة ومالك ليس في سورة النجم سجدة، واحتجوا بحديث زيد بن ثابت الآتي في الباب الثاني لهذا. وسيأتي ما أجابوا به عنه، واستُنبط منه أن رؤية الإنس للجن لا تنكر، وأنكرتها المعتزلة. واستدلوا بقوله تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} مع قوله: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ}. وأجاب أهل السنة بأن هذا خُرِّج مخرج الغالب في عدم رُؤية الإنس الجن أو الشياطين.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- الشيطان الذي أراد أن يقطع عليه صلاته، وأنه خنقه حتى وجد برد لسانه إلخ. ورؤية أبي هريرة له لمّا دخل ليسرق تمر الصدقة. وقد نص الله في كتابه على عمل العين لسليمان -عليه السلام- ومخاطبتهم له في قوله تعالى:{قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ}. فمثل هذا لا يُنكر مع تصريح القرآن به، وثبوته في الأحاديث الصحيحة.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرَّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرّ محل أيوب وعكرمة وابن عباس في الذي قبله بحديث، ومرّ عبد الوارث في السابع عشر من العلم، أخرجه البخاري أيضًا في التفسير ومسلم في الصلاة. ثم قال: ورواه إبراهيم بن طهمان عن أيوب، وهذه المتابعة أخرجها الإِسماعيلي من حديث حفص عنه بلفظ: أنه قال حين نزلت السورة التي يذكر فيها النجم سجد لها الإنس والجن، وقد مرّ إبراهيم في التاسع والعشرين من الغسل، ومرَّ محل أيوب في الحديث نفسه. ثم قال المصنف: