قوله: عن إسحاق عن أَنَس وعند الإسماعيليّ "عن سفيان حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلْحة أنه سمع أَنَس بن مالك". وقوله: صَلّيت أنا ويتيم كذا للجميع، وما عند ابن فَتْحُون من قوله "صليت أنا وسُليم" بسين مُهملة ولام مصغرا تصحيف، واستدل بقوله: وصليت أنا واليتيم خلفه، على أن السنة في موقف الاثنين أن يصفا خلف الإمام، خلافًا لأبي يوسف القائل إن أحدهما يقف عن يمينه والآخر عن شماله، وحجته في ذلك حديث ابن مسعود، أخرجه أبو داود وغيره عنه أنه أقام علقمة عن يمينه، والأسود عن شماله، وأجاب عنه ابن سِيرين بأنَّ ذلك كان لضيق المكان، كما رواه الطّحاوي، أو أنه لم يبلغه حديث أنس.
وقوله: وأمي أم سليم خلفنا، فيه أن المرأة لا تصف مع الرجال وأصله ما يخشى من الافتتان بها، فلو خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور، وعند الحَنَفِية تفسد صلاة الرجل دون المرأة، وهو عجيب واستدلوا له بقول ابن مسعود:"آخروهن من حيث آخرهن الله". أخرجه عبد الرَّزَّاق في مصنفه فقالوا في توجيهه: إن الأمر للوجوب، وحيث ظرف مكان، ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاته, لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها. قال في "الفتح": وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه. قلت: ومن العجب بطلان صلاة الرجل في مذهبهم، دون المرأة التي هي الفاعلة للمخالفة.
ثم قال: فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب، وأمر لابسه أن ينزعه، فلو خالف وصلى ولم ينزعه أثم, وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك؟ وأوضح منه لو كان لباب المسجد صفة مملوكة، فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة، صحت صلاته وأثم. وكذا الرجل مع التي حاذته، ولاسيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه، وقال ابن رشيد: الأقرب أن البُخاري قصد أن يُبين أن هذا مستثنى من عموم حديث عَلِيّ بن شَيْبَان "استقبل صلاتك" وفي رواية "أعد صلاتك" فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف وحده". أخرجه ابن حِبّان، يعني أن هذا مختص بالرجال، وأخرجه أيضًا ابن خُزَيْمَة. وفي صحته نظر, لأن رجاله غير مشهورين، واستدل به ابن بَطّال على