التوقف إنما كان عند وقوع رِيْبة له في بعض المواضع.
واحتج به من قال بتفاوت رتب العدالة، ودخول الترجيح في ذلك عند التعارض. ويمكن إبداء الفارق في ذلك بين الرواية والشهادة.
وفيه تعظيم عظيم من عمر لسعد. وفيه أن الصحابي القديم الصحبة قد يَخْفى عليه من الأمور الجليلة في الشرع ما يطَّلِع عليه غيره؛ لأن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته، وكثرة روايته. وقد روى قصته مالك في "الموطأ" عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن ابن عمر قدم الكوفة على سعد وهو أميرها، فرآه يمسح على الخفين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعد: سل أباك، فذكر القصة.
ويُحتمل أن يكون ابن عُمر إنما أنكر المسح في الحضر لا في السفر لظاهر هذه القصة، وأما في السفر فقد كان ابن عمر يعلمه، ورواه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما رواه ابن أبي خَيْثمة في "تاريخه الكبير"، وابن أبي شيبة في "مصنفه" عن سالم، عنه، بلفظ: قال: "رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يمسَحُ على الخفَّين بالماء في السفر".
رجاله سبعة: وفيه ذكر عمر بن الخطاب:
الأول: أصْبَغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأُمَوي مولاهم الفقيه المصري أبو عبد الله، كان ورّاق بن وَهْب، وجده نافع عَتيق عبد العزيز بن مروان بن الحكم.
قال يحيى بن صالح: هو من ولد عبيد المسجد، يُنسب إلى أولاد بني أمية، وكان مطَّلِعًا في الفقه والنظر. وقد قيل لأشْهب: من لنا بعدك؟ قال: أصبغ بن الفرج. وكان كاتب ابن وَهْب، وأخص الناس به. وقد قال له: لولا أن تكون بدعة لسوَّرناك يا أصبغ كما تسوِّر الملوك فرسانها. وقال ابن اللّباد: ما انفتح لي طريق الفقه إلاَّ من أصول أصبغ. وقال عبد الملك بن الماجِشون: ما أخرجت مصر مثل أصبغ. قيل له: ولا ابن القاسم؟ قال: ولا ابن القاسم كلفًا