يا نفس إن لم تقتلي تموتي ... هذا حمامُ الموتِ قد صليت
وما تمنيتِ فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هُديتِ
يعني زيدًا وجعفرًا، ثم قاتل حينًا ثم نزل، فأتاه ابن عم بعَرْق من لحم فقال: شُدَّ بها ظهرك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده وانتهش منه نهشة، ثم سمع حَطْمَة في الناس فقال: وأنت في الدنيا، فألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل، رحمه الله.
ومن شعره في هذا اليوم ما مرّ في ترجمة زيد بن أرقم حين كان رديفًا على الراحلة، وأنشأ يقول: إذا أدنيتني وحملت رحلي: إلخ القصة المتقدمة وذكر ابن عبد البر عن أبي الدرداء قال: لقد رأينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، في اليوم الحار الشديد، حتى إن الرجل ليضع من شدة الحريده على رأسه، وما في القوم صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعبد الله بن رواحة. ومناقبه كثيرة، قال المرزبانيّ في "معجم الشعراء" كان عظيم القدر في الجاهلية والإِسلام، وكان يناقض قيس بن الخطيم في حروبهم، ومن أحسن ما مدح به النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله:
لو لم تكن فيه آياتٌ مبينةٌ ... كانت بديهته تنبيكَ بالخبرِ
له أحاديث، انفرد له البخاريّ بحديث موقوف، روى عنه ابن عباس وأبو هريرة، وأرسل له قيس بن أبي حازم وجماعة.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والسماع والقول، ورواته مصريان وأَيْلِىّ ومدنيان. أخرجه البخاريّ أيضًا في الأدب. ثم قال: تابعه عقيل، أي عن ابن شهاب، فالضمير ليونس، وهذه المتابعة أخرجها الطبرانيّ في الكبير، فذكر مثل رواية يونس، وعقيل قد مرّ في الثالث من بدء الوحي. ثم قال: وقال الزبيديّ: أخبرني الزهري عن سعيد والأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، فيه إشارة إلى أنه اختلف عن الزهريّ في هذا الإسناد، فاتفق يونس وعقيل على أن شيخه فيه الهيثم، وخالفهما الزبيديّ فأبدله بسعيد بن المسيب والأعرج، ولا يبعد أن يكون الطريقان صحيحين، فإنهم حُفّاظ أَثْبات، والزهريّ صاحب حديث مكثر، ولكن ظاهر صنيع البخاريّ ترجيح رواية يونس لمتابعة عقيل له، بخلاف الزبيديّ.
ولفظ رواية الزبيديّ هو أن أبا هريرة كان يقول في قصصه: إن أخًا لكم كان يقول شعرًا ليس بالرفث، وهو عبد الله بن رواحة، فذكر الأبيات. وهذا يبين أن قوله في الرواية الأولى:"من كلام أبي هريرة موقوفًا" بخلاف ما جزم به ابن بطّال كما مرّ، وهذا التعليق وصله البخاريّ في التاريخ الصغير والطبرانيّ في الكبير.
ورجال التعليق خمسة، قد مرّ الزبيدي محمد بن الوليد في التاسع عشر من العلم، والزهريّ