وقال بعض المالكية: لما كان المعتكف لا يتم اعتكافه حتى يغدو إلى المصلى قبل انصرافه إلى بيته خشي أن يعتمد في هذا الجزء من النهار باعتبار استصحاب الصائم ما يعتمد من استصحاب الاعتكاف ففرق بينهما بمشروعية الأكل قبل الغدو. وقيل: لأن الشيطان الذي يحبس في رمضان لا يطلق إلا بعد صلاة العيد، فاستحب تعجيل الفطر بدارًا إلى السلامة من وسوسته. وقال ابن قدامة: لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافًا. وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود التخيير فيه، وعن النخعي أيضًا مثله، والحكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم؛ ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرق به القلب وهو أيسر من غيره، ومن ثم استصحب بعض التابعين أنه يفطر على الحلو مطلقًا كالعسل رواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما. وروى فيه معنى آخر عن ابن عون أنه سئل عن ذلك فقال: إنه يحبس البول هذا كله في حق من يقدر على ذلك، وإلا فينبغي أن يفطر ولو على الماء ليحصل له شبه ما من الاتباع أشار إليه ابن أبي جمرة.
وأما جعلهن وترًا فقال المهلب: فللإِشارة إلى وحدانية الله تعالى، وكذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يفعله في جميع أموره تبركًا بذلك.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرّ محمد بن عبد الرحيم في السادس من "الوضوء"، ومرّ سعيد بن سليمان في السادس والثلاثين منه، ومرّ هشيم في الثاني من التيمم، ومرّ عبيد الله بن أبي بكر في الثالث والعشرين من "الحيض" ومرّ أنس في السادس من "الإيمان".
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإخبار به والعنعنة والقول وشيخ البخاري من أفراده، ورواته بين بغدادي وواسطيين ومدني قيل إن هذا الحديث من أفراده. وقال العيني: رواه ابن ماجه. ثم قال: وقال مرجي بن رجاء: حدثني عبيد الله قال: حدثني أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "ويأكلهن وترًا" ومتابعة مرجي بن رجاء هذه لهشيم على روايته له عن عبيد الله بن أبي بكر تؤيد ما مرّ من عدم القدح في رواية هشيم، وأفادت هذه المتابعة ثلاث فوائد:
الأولى: هذه.
والثانية: تصريح عبيد الله فيه بالإخبار عن أنس.
والثالثة: تقييد الأكل بكونه وترًا.
وهذه المتابعة وصلها ابن خزيمة والإسماعيلي عن أبي النضر عن مرجي بلفظ "يخرج" بدل "يغدو" والباقي مثل لفظ هشيم، وفيه الزيادة وأخرجه الإِمام أحمد والبخاري في "تاريخه". وأخرجه