وقوله:"فقال له قائل" يأتي في السند أن القائل هو عائشة، وقوله:"ما أكثر" أي: بفتح الراء على التعجب. وقوله:"إذا غرم" بكسر الراء. وقوله:"ووعد فأخلف" كذا للأكثر. وفي رواية الحموي:"وإذا وعد أخلف"، والمراد أن ذلك شأن من يستدين غالبًا. وقوله:"وعن الزهري" الظاهر أنه معطوف على الإسناد المذكور فكأن الزهري حدث به مطولًا ومختصرًا لكن قال في "الفتح" لم أرَ في شيء من المسانيد والمستخرجات من طريق شعيب عنه إلا مطولًا، ورأيته باللفظ المختصر المذكور سندًا ومتنًا عند المصنف في كتاب "الفتن" عن صالح بن كيسان عن الزهري. وكذلك أخرجه مسلم عن صالح وقد استشكل دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- بما ذكر مع أنه معصوم مغفور له ما تقدم وما تأخر وأجيب بأجوبة أحدها: أنه قصد التعليم لأُمته. ثانيها: أن المراد السؤال منه لأُمته، فيكون المعنى هنا أعوذ بك لأُمتي. ثالثها: سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقق الإجابة؛ لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات، وفيه تحريض لأُمته على ملازمة ذلك؛ لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة.
وأما الاستعاذة من فتنة الدّجال مع تحققه أنه لا يدركه فلا إشكال فيه على الوجهين الأولين، وقيل على الثالث يحتمل أن يكون ذلك قبل تحقق عدم إدراكه. ويدل عليه قوله في الحديث الآخر عند مسلم أن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه الحديث، ويأتي الكلام على ما يدعى به عند قوله في حديث الباب الذي بعده ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر محمد بن يوسف وخلف بن عامر، ولفظ قائل مبهم وقد مرّ الجميع، مرّ أبو اليمان وشعيب في السابع من بدء الوحي، ومرّ الزهري في الثالث منه، ومرّ عروة وعائشة في الثاني، ومرّ محمد بن يوسف الفربري في العاشر من العلم. وأما خلف بن عامر فقد قال في "تهذيب التهذيب" شيخ للفربري حكى عنه في صفة الصلاة في الصحيح، وليس له تعريف غير هذا، وأما القائل المبهم فقد قال في "الفتح" إن في رواية النَّسائيّ أن السائل عن ذلك عائشة ولفظها فقلت: "يا رسولَ اللهِ ما أكثرَ ما تستعيذُ إلخ" وعائشة قد مرّت الآن.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإخبار بالجمع والإِفراد والعنعنة والقول ورواية التابعي عن التابعي عن الصحابية، والاثنان الأولان من الرواة حمصيان والآخران مدنيان. أخرجه البخاري أيضًا في الاستقراض عن أبي اليمان ومسلم في الصلاة وكذا أبو داود والنَّسائيّ.