للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث جابر أن ريحًا عظيمة هبت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هبت لموت منافق عظيم النفاق، وهو رفاعة بن التابوت، فهو آخر غير هذا توافق أسمهما واسم أبيهما وقد جاء من وجه آخر، رافع بن التابوت.

ثم قال المصنف:

[باب السفر قطعة من العذاب]

قال ابن المنير: أشار البخاري بإيراد هذه الترجمة في أواخر أبواب الحج والعمرة، إلى أن الإقامة في الأهل أفضل من المجاهدة، وفيه نظر لا يخفى، لكن يحتمل أن يكون المصنف أشار بإيراده في الحج إلى حديث عائشة بلفظ "إذا قضى أحدكم حجه فليعجل إلى أهله".

[الحديث الحادي والثلاثون]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ، وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ".

قوله: "عن سمي" كذا لأكثر الرواة عن مالك وكذا هو في الموطأ وصرح يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك، بتحديث سمي له به، وشذ خالد بن مخلد عن مالك، فقال: عن سهيل بدل سمي، وذكر الدارقطني أن ابن الماجشون رواه عن مالك عن سهيل، وأخرجه ابن عبد البر عن الدراوردي عن سهيل، عن أبيه، والصحيح عن مالك أنه عن سمي، ولم ينفرد سمي به، بل أخرجه أحمد في مسنده عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأخرجه ابن عدي عن جمهان عن أبي هريرة أيضًا فلم ينفرد به أبو صالح وأخرجه الدارقطني، والحاكم، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، بإسناد جيد، فلم ينفرد به أبو هريرة بل في الباب، عن ابن عباس، وابن عمر وأبي سعيد وجابر عند ابن عدي بأسانيد ضعيفة.

وقوله: "السفر قطعة من العذاب" أي جزء منه والمراد: بالعذاب الألم الناشىء عن المشقة لما يحصل في الركوب والمشي من ترك المألوف.

وقوله: "يمنع أحدكم طعامه، وشرابه، ونومه" بنصب الأربعة لأن منع تتعدى إلى مفعولين، الأول أحدكم والثاني طعامه، كأنه فصله عما قبله بيانا لذلك بطريق الاستئناف، كالجواب لمن قال لم كان كذلك، فقال: يمنع أحدكم طعامه إلخ: أي: وجه التشبيه الاشتمال على المشقة، وقد ورد التعليل في رواية سعيد المقبري، ولفظه "السفر قطعة من العذاب" لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته وصيامه، فذكر الحديث، والمراد بالمنع في الأشياء المذكورة منع كمالها لا أصلها، وقد وقع عند الطبراني، بلفظ لا يهنأ أحدكم بنومه ولا طعامه ولا شرابه، وفي حديث ابن عمر عند ابن عدي، وأنه ليس له دواء إلاَّ سرعة السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>