وهي المرادة بقوله تعالى:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} وقال الطيبي: المطلق محمول على الكامل وهي الجامعة للخير المستجمعة للكمال، كما أن الكعبة تسمى البيت، ويطلق عليها ذلك.
وقوله:"إلى يوم تلقون" بفتح يوم وكسره مع التنوين وعدمه، وترك التنوين مع الكسر هو الذي تثبت به الرواية.
وقوله:"اللهم اشهد" تقدم أنه أعاد ذلك في حديث ابن عباس، وإنما قال ذلك، لأنَّه كان فرضًا عليه أن يبلغ، فأشهد الله على أنه أدى ما أوجبه عليه، والمبلَّغ بفتح اللام أي: رب شخص بلغه كلامي فكان أحفظ له، وأفهم لمعناه من الذي نقله له، قال المهلب فيه: إنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم، ما ليس لمن تقدمه، إلا أن ذلك يكون في الأقل؛ لأن رب موضوعة للتقليل -يعني في الأصل- لكنها استعملت في التكثير بحيث غلب عليها الاستعمال فيه، وقد أشبعنا على رُبّ في كتاب العلم في باب رُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، ولكن يؤيد أن التقليل هنا مراد أنه وقع في رواية أخرى تقدمت في العلم بلفظ: عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه، وفي الحديث دلالة على جواز تحمل الحديث لمن لم يفهم معناه، ولا فقهه، إذا ضبط ما يحدَّث به، ويجوز وصفه بكونه من أهل العلم بذلك، وفيه وجوب تبليغ العلم على الكفاية، وقد يتعين في بعض الناس، وفيه تأكيد التحريم وتغليظه بأبلغ ممكن من تكرار ونحوه، وفيه مشروعية ضرب المثل، وإلحاق النظير بالنظير ليكون أوضح، وإنما شبه حرمة الدم والعرض والمال، بحرمة اليوم والشهر والبلد؛ لأن المخاطبين بذلك كانوا يراعون تلك الأشياء، ولا يرون هتك حرمتها، ويعيبون على من فعل ذلك أشد العيب، وإنما قدم السؤال عنها، تذكارًا لحرمتها، وتقريرًا لما ثبت في نفوسهم، ليبني عليه ما أراد تقريره على سبيل التأكيد.
وقد تقدم كثير من مباحث هذا الحديث في كتاب العلم عند ذكره في باب رُبَّ مبلَّغ أوعى له من سامع.
[رجاله سبعة]
قد مرّوا، إلا حميد على احتمال: مرَّ عبد الله بن محمد، وأبو عامر العقدي في الثاني من الإيمان، ومرَّ محمد بن سيرين في الأربعين منه، ومرَّ أبو بكرة في الرابع والعشرين منه، ومرَّ قرة بن خالد في الثامن والسبعين من مواقيت الصلاة، ومرَّ عبد الرحمن بن أبي بكرة في التاسع من العلم، والسابع حميد وهو يحتمل أن يكون ابن عبد الرحمن بن عوف، وقد مرَّ في الثلاثين من الإيمان ويحتمل أن يكون حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري، قال العجلي: بصري ثقة، وقال: هو ومنصور بن زاذان كان ابن سيرين يقول: هو أفقه أهل