حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ بن سيرين عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ. وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ فَكَأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَدَّقَهُ، قَالَ: وَعِنْدِي جَذَعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلاَ أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ.
قوله:"من ذبح قبل الصلاة فليعد" أي قبل صلاة العيد.
وقوله:"فقام رجل" هو أبو بردة بن نيار كما يأتي التصريح به قريبًا في حديث البراء.
وقوله:"هذا يوم يشتهى فيه اللحم" في رواية داود بن أبي هند عند مسلم "فقال: يا رسول الله إن هذا يوم اللحم فيه مكروه". وفي لفظ "مقروم" بسكون القاف. قال عياش: رويناه في "مسلم" عن الفارسي والسجزي "مكروه"، وعن العذري "مقروم". وقد صوب بعضهم الرواية الثانية، وقال معناه يشتهى فيه اللحم يقال: قَرَمْتُ إلى اللحم، وَقَرَمْتُه إذا اشتهيته فهو موافق للرواية الأولى "هذا يوم يشتهى فيه اللحم" قال: وقال بعض الشيوح: صواب الرواية "اللحم فيه مكروه" بفتح وهو اشتهاء اللحم، والمعنى ترك الذبح والتضحية وإبقاء أهله فيه بلا لحم حتى يشتهوه مكروه.
قال: وقيل معناه ذبح ما لا يجزىء في الأضحية مما هو لحم، وبالغ ابن العربي فقام: إن الرواية بسكون الحاء هنا غلط، وإنما هو اللحم بالتحريك يقال، لحم الرجل بكسر الحاء يلحم بفتحها إذا كان يشتهي اللحم.
وقال القرطبي: تكلف بعضهم ما لا يصح رواية أي اللحم بالتحريك ولا معنى، وهو قول الآخر معنى المكروه أنه مخالف للسنة وهو كلام من لم يتأمل سياق الحديث، فإن هذا التأويل لا يلائمه إذ لا يستقيم أن يقول إن هذا اليوم اللحم فيه مخالف للسنة وإني عجلت لأطعم أهلي. قال: وأقرب ما يتكلف لهذه الرواية أن معناه اللحم فيه مكروه التأخير فحذف لفظ التأخير لدلالة قوله عجلت. وقال النووي: معناه هذا يوم طلب اللحم فيه مكروه شاق يعني طلبه من الناس كالصديق والجار فاختار هو أن لا يحتاج أهله إلى ذلك فأغناهم بما ذبحه عن الطلب، وهذا معنى حسن، ويؤيد هذا ما يأتي قريبًا في رواية البراء فعرفت "أن اليوم يوم أكل وشرب، فأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي"، ويظهر أن بهذه الرواية يحصل الجمع بين الروايتين المتقدمتين وأن وصفه