سقط لفظ باب من رواية الكشميهنيّ والحمويّ، ثم قال: ذكره أبو بكر وأبو ذَرٍّ وأبو هُريرة رضي الله تعالى عنهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما حديث أبي بكر فقد ذكره مطولًا بعد باب، وأما حديثا أبي ذرٍّ وأبي هُريرة فسيأتيان بعد ستة أبواب، وأبو بكر مرّ في باب مَنْ لم يتوضأ من لحم الشاة بعد الحادي والسبعين من الوضوء، ومرّ أبو ذَرٍّ في الثالث والعشرين من الإيمان، ومرّ أبو هريرة في الثاني من الإيمان.
موضع الحاجة منه قوله:"فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟ قال: نعم" قال الزين بن المنير: في هذه الأحاديث أحكام متعددة، تتعلق بهذه الترجمة، منها إيجاب الزكاة، والتسوية بينها وبين الصلاة في قتال مانعيها، حتى لو منعوا عقالًا، وهو ما تربط به الإبل، وتسميتها فريضة، وذلك أعلى الواجبات، وتوعد مَنْ لم يؤدها بالعقوبة في الدار الآخرة، كما في حديثي أبي ذرٍّ وأبي هُريرة. وقوله:"إن أعرابيًا" لم يعرف اسمه، والهجرة المسؤول عنها مفارقةُ دار الكفر إذ ذاك، والتزام أحكام المهاجرين مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. وكان ذلك وقع بعد فتح مكة، لأنها كانت إذ ذاك فَرْضَ عَين، ثم نسخ ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا هجرة بعد الفتح"، وقوله:"فاعمل من وراء البحار" مبالغة في إعلامه بأن عمله لا يضيع في أي موضع كان.
وقوله:"لن يَتِرَكَ" بفتح التحتانية وكسر المثناة ثم راء وكاف، أي: ينقصك، وفي القرآن:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي: لن ينقصكم شيئأ من ثواب أعمالكم. وفي الحديث فضل أداء زكاة الإبل ومعادلة إخراج أداء حق الله منها لفضل الهجرة، فإن في الحديث إشارة إلى أن استقراره بوطنه إذا أدَّى زكاة ماله، يقوم له مقام ثواب هجرته، وإقامته بالمدينة.