قوله:"من اتّبع" هو بالتشديد، وفي رواية الأصيلي تَبعَ بحذف الألف وكسر الموحدة، وقد تمسك بهذا اللفظ من قال إن المشي خلفها أفضل، وهو قول الأوْزاعيّ وأبي حنيفة ومن تبعهما، ولا حجة لهما فيه لأنه يقال: تبعه إذا مشى خلفه، أو إذا مر به فمشى معه، وكذلك اتّبعه بالتشديد وهو افتعل منه، فهو مقول بالاشتراك، وأما أتْبَعهُ بالإسكان فهو بمعنى لحقه إذا كان سبقه، ولم تأت به الرواية هنا، وتمسكوا أيضًا بما رواه سعيد بن منصور وغيره عن علي رضي الله تعالى عنه، قال: المشي خلفها أفضل من المشي أمامها، كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفَذّ، وإسناده حسن، وهو موقوف له حكم الرفع، لكن حكى الأثْرم أن أحمد تكلم في إسناده، والجمهور على أن المشي أمامها أفضل، لأن مشيعها شفيع، والشفيع إنما يكون إمام المشفوع.
وأخرج أصحاب "السنن" من حديث ابن عُمر أنه يكون أمامها، ورجاله رجال الصحيح، إلا أنه اختُلف في وصله وإرساله، وصححه ابن حِبّان، لكن الشافعية لم يفرقوا بين أن يكون المشيع ماشيًا أو راكبًا، وفصلت المالكية فقالوا: إن الراكب يتأخر عنها لانحطاطه بسبب الركوب عن رتبة الماشي، والماشي يتقدمها لما أخرجه أصحاب "السنن"،