ووقع في حديث أنس:"فاستغنى فاستغنى الله عنه". وهذا يرشِّح كونه خبرًا. وهذا أيضًا من قبيل المُشاكلة، لأن الإِعراض هو الالتفات إلى جهة أخرى، وذلك لا يليق به تعالى، فيكون مجازًا عن السخط والغضب. وفائدة إطلاق الإعراض، وما معه على الله تعالى، على سبيل المشاكلة، هو بيان الشيء بطريق واضح.
وفيه جواز الإِخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم، للزجر عنها. وإن ذلك لا يعد من الغِيبة. وفيه فضلُ ملازمةِ حَلَق العلم والذكر، وجلوس العالم والمُذَكِّر في المسجد. وفيه الثناء على المُستحيي، والجلوس حيث ينتهي به المجلس. والثلاثة المذكورون أهل القصة لم يُسَمَّ واحدٌ منهم.
رجال سنده خمسة: وفيه ذكر عَقيل بن أبي طالب، الأول إسماعيل ابن أبي أُويس، وقد مر في الخامس عشر من كتاب الإِيمان. والثاني الإِمام مالك، وقد مر في الثاني من بدء الوحي.
والثالث: إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلْحة، واسم أبي طلحة زَيْد بن سَهْل بن الأسْود بن حَرَام الأنْصاريّ البخاريّ المدنيّ، أبو يحيى، وقيل: أبو نُجَيح، ابن أخي أنس لأمه، لأن أباه عبد الله وأنسًا أمهما أم سُلَيم.
وعبد الله هو صاحب الليلة المباركة، الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأبيه أبي طلحة:"اللهمَّ بارك لهما في ليلتهما" فولد منها عبد الله هذا. وولد لعبد الله عشرة ذكور، كلهم يقرأون القرآن. وروى أكثرهم العلم. وأشهرهم إسحاق هذا، لأنه شيخ الإِمام مالك.
قال ابن مَعين: ثقة حجة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم والنَّسائيّ: ثقة، وزاد أبو زرعة: وهو أشهر إخوته، وأكثرهم حديثًا. وقال الواقِديّ: كان مالكُ لا يقدِّم عليه في الحديث أحدًا، وكان ثقة كثير الحديث. وقال ابن حبان في "الثقات": كان ينزل في دار أبي طلحة، وكان مقدما في رواية الحديث والإِتقان فيه. وقال أبو داود: كان على الصَّوافِي باليمامة. وقال